المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٩٦
ذلك يسقط إذا لم يبق للفعل أثر في المحل فكذا هنا وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يلزمه صدقة باعتبار ما أوصل من الألم إلى الصيد لان باندمال الجراحة لم يتبين أن الألم لم يصل إليه وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى اعتبار الألم أيضا في الجناية على حقوق العباد حتى أوجب على الجاني ثمن الدواء وأجرة الطبيب إلى أن تندمل الجراحة (قال) ولا ينبغي للحلال أن يعين المحرم على قتل الصيد لان فعل المحرم معصية والإعانة على المعصية معصية فقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم المعين شريكا ولان لواجب عليه أن يأمره بالمعروف وينهاه عن التعرض للصيد فإذا اشتغل بالإعانة فقد أتى بضد ما هو واجب عليه فكان عاصيا فيه ولكن ليس عليه شئ سوى الاستغفار لان الاصطياد ليس بحرام عليه إنما المحرم عليه الإعانة على المعصية وذلك موجب للتوبة (قال) وكذلك لا ينبغي له أن يشتريه منه لان بيعه حرام على المحرم ولان في امتناعه عن الشراء زجرا للمحرم عن اصطياده فإنه تقل رغبته في الاصطياد إذا علم أنه لا يشترى منه الصيد وسواء أصاب المحرم الصيد عمدا أو خطأ فعليه الجزاء عندنا وهو قول عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم وقال ابن عباس رضي الله عنهما ليس على المحرم في قتل الصيد خطأ جزاء لظاهر قوله تعالى ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم الآية فالتقييد بالعمدية لايجاب الجزاء يمنع وجوبه على المخطئ ولكنا نقول هذا ضمان يعتمد وجوبه الاتلاف فيستوى فيه العامد والخاطئ كغرامات الأموال وهذه كفارة تجب جزاء للفعل فيكون واجبا على المخطئ كالكفارة بقتل المسلم وهذا لان الله تعالى حرم على المحرم قتل الصيد مطلقا وارتكاب ما هو محرم بسبب الاحرام موجب للجزاء عمدا كان أو خطأ فاما تقييده بالعمد في الآية فليس لأجل الجزاء بل لأجل الوعيد المذكور في آخر الآية بقوله عز وجل ليذوق وبال أمره إلى قوله ومن عاد فينتقم الله منه وهذا الوعيد على العامد دون المخطئ ثم ذكر العمد هنا للتنبيه لان الدلالة قد قامت على أن صفة العمدية في القتل مانعة من وجوب الكفارة لتمحض الحظرية فذكره الله هنا حتى يعلم أنه لما وجبت الكفارة هنا إذا كان الفعل عمدا وجب إذا كان خطأ بطريق الأولى وكذلك أن كان هذا القتل أول ما أصاب أو أصاب قبله شيئا فعليه الجزاء في الوجهين جميعا وكأن ابن عباس رضي الله عنه يقول يجب الجزاء على المبتدى بقتل الصيد فأما العائد إليه لا يلزمه الجزاء ولكن يقال له اذهب فينتقم الله منك لظاهر
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست