المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٩٢
رحمه الله تعالى تجب قيمته بالغة ما بلغت على قياس ما يؤكل لحمه من الصيود هكذا ذكر أصحابنا هذا الخلاف وذكر ابن شجاع رحمه الله تعالى في شرح اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى ان عند زفر فيما هو مأكول اللحم لا يجاوز بقيمته شاة والحاصل ان زفر رحمه الله تعالى يقول بان الضمان الواجب لحق الله تعالى معتبر بالواجب لحق العباد وهناك لا فرق بين مأكول اللحم وبين غير مأكول اللحم فهنا لا فرق بينهما أيضا فاما ان يقال تجب القيمة بالغة ما بلغت في الموضعين جميعا أو لا يجاوز بالقيمة شاة في الموضعين جميعا وحجتنا في ذلك أن فيما لا يؤكل لحمه وجوب الجزاء باعتبار معنى الصيدية فقط لا باعتبار عينه فإنه غير مأكول وباعتبار معنى الصيدية يكون مرتكبا محظور احرامه فلا يلزمه أكثر من شاة كسائر محظورات الاحرام فاما في مأكول اللحم وجوب الجزاء باعتبار عينه لأنه مفسد للحمه بفعله فتجب قيمته بالغة ما بلغت وكذلك في حقوق العباد وجوب الضمان باعتبار ملك العين فيتقدر بقيمة العين وهذا لان زيادة القيمة في الفهد والنمر والأسد لمعنى تفاخر الملوك به لا لمعنى الصيدية وذلك غير معتبر في حق المحرم فلهذا لا يلزمه أكثر من شاة إن كان مفردا بالحج أو العمرة وإن كان قارنا لا يجاوز بما يجب عليه شاتين لأنه محرم باحرامين (قال) وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير في هذا الحكم سواء على ما بينا. وذكر في بعض الروايات في الحديث المستثني مكان الحدأة الغراب والمراد به الأبقع الذي يأكل الجيف ويخلط فإنه يبتدئ بالأذى فأما العقعق يجب الجزاء بقتله على المحرم لأنه لا يبتدئ بالأذى غالبا والخنزير والقرد يجب الجزاء بقتلهما على المحرم في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى وقال زفر رضى الله تعالى عنه لا يجب لان الخنزير بمنزلة الكلب العقور مؤذ بطبعه وقد ندب الشرع إلى قتله قال النبي صلى الله عليه وسلم بعثت لكسر الصليب وقتل الخنزير ولكن أبو يوسف رحمه الله تعالى يقول بأنه متوحش لا يبتدئ بالأذى غالبا فيكون نص التحريم متناولا له وكذلك السمور والدلق يجب الجزاء بقتلهما على المحرم والفيل كذلك إذا كان وحشيا فأما الفأرة مستثناة في الحديث وحشيها وأهليها سواء والسنور كذلك في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يجب الجزاء بقتله أهليا كان أو وحشيا. وفى رواية هشام عن محمد رحمهما الله تعالى ما كان منه بريا فهو متوحش كالصيود يجب الجزاء بقتله على المحرم فأما الضب فليس في معنى الخمسة المستثناة لأنه لا يبتدئ بالأذى فيجب الجزاء على المحرم
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست