المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٢٢
ورفض احرامه وأقام حلالا يصنع ما يصنع الحلال من الطيب والصيد وغيره فعليه أن يعود حراما كما كأن لان بافساد الاحرام لم يصر خارجا منه قبل أداء الاعمال وكذلك بنية الرفض وارتكاب المحظورات فهو محرم على حاله إلا أن عليه بجميع ما صنع دم واحد لما بينا أن ارتكاب المحظورات استند إلى قصد واحد وهو تعجيل الاحلال فيكفيه لذلك دم واحد وعليه عمرة مكان عمرته لأنها لزمنه بالشروع والأداء بصفة الفساد لا ينوب عما لزمه بصفة الصحة فعليه قضاؤها والله سبحانه وتعالى أعلم باب الدهن والطيب (اعلم) بأن المحرم ممنوع من استعمال الدهن والطيب لقوله صلى الله عليه وسلم الحج الشعث النفل وقال يأتون شعثا غبرا من كل فج عميق واستعمال الدهن والطيب يزيل هذا الوصف وما يكون صفة العبادة يكره ازالته الا ان في ظاهر الرواية قال إن استعمل الطيب في عضو كامل يلزمه الدم وقد فسره هشام عن محمد رحمهما الله تعالى قال كالفخذ والساق ونحوهما وان استعمله فيما دون ذلك فعليه الصدقة وعلى قول محمد رحمه الله تعالى عليه بحصته من الدم وقال الشعبي رحمه الله تعالى القليل والكثير من الطيب سواء في وجوب الدم به لان رائحة الطيب توجد منه سواء استعمل القليل أو الكثير ولكنا نقول الجزاء إنما يجب بحسب الجناية وإنما تتكامل الجناية بما هو مقصود من قضاء التفث والمعتاد استعمال الطيب في عضو كامل فتم به جنايته وفيما دون ذلك في جنايته نقصان فتكفيه الصدقة ومحمد رحمه الله تعالى يوجب بحصنه من الدم اعتبارا للجزء بالكل كما هو أصله وذكر في المنتقى إذا طيب شاربه أو طرفا من أطراف لحيته دون الربع فعليه الصدقة وان استعمل الطيب في ربع رأسه فعليه الدم وكذلك في ربع عضو آخر وجعل الربع بمنزلة الكمال على قياس الحلق ثم الدهن إذا كان مطيبا كدهن البان والبنفسج والزنبق فهو طيب يجب باستعماله الدم وكذلك إذا كان الدهن قد طبخ وجعل فيه طيب فاما إذا ادهن بزيت أو بخل غير مطبوخ فعليه الدم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى عليه صدقة وقال الشافعي رحمه الله تعالى لو استعمله في الشعر فعليه دم وان استعمله في غيره لم يلزمه شئ لان استعمال الدهن في الشعر يزيل الشعث فيكون من قضاء التفث واما في غير الشعر ليس فيه معنى
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست