المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله أجمعين كتاب المناسك (قال) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى اعلم أن الحج في اللغة القصد ومنه قول القائل وأشهد من عوف حلولا كثيرة * يحجون سب الزبرقان المزعفرا أي يقصدون له معظمين إياه وفى الشريعة عبارة عن زيارة البيت على وجه التعظيم لأداء ركن من أركان الدين عظيم ولا يتوصل إلى ذلك الا بقصد وعزيمة وقطع مسافة بعيدة فالاسم شرعي فيه معنى اللغة والمناسك جمع النسك والنسك اسم لكل ما يتقرب به إلى الله عز وجل ومنه سمى العابد ناسكا ولكنه في لسان الشرع عبارة عن أركان الحج قال الله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وفرضية الحج ثابتة بالكتاب والسنة اما الكتاب فقوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وآكد ما يكون من ألفاظ الالزام كلمة على وأما السنة فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد زادا وراحلة يبلغانه بيت الله تعالى ولم يحج حتى مات فليمت ان شاء يهوديا وان شاء نصرانيا وفى رواية فليمت على أي ملة شاء سوى ملة الاسلام وتلا قوله تعالى ومن كفر فان الله غنى عن العالمين وسبب وجوب الحج ما أشار الله تعالى إليه في قوله حج البيت فالواجبات تضاف إلى أسبابها ولهذا لا يجب في العمر الا مرة واحدة لان سببه وهو البيت غير متكرر والأصل فيه حديث الأقرع بن حابس رضي الله تعالى عنه حيث قال يا رسول الله الحج في كل عام أم مرة فقال صلى الله عليه وسلم بل مرة فما زاد فتطوع والوقت فيه شرط الأداء وليس بسبب ولهذا لا يتكرر بتكرر الوقت إلا أن أركان هذه العبادة متفرقة على الأمكنة والأزمنة
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست