المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٨٩
فيه يد محترمة ووجوب الضمان له على القاتل باعتبار أحد هذين المعنيين ولأنه بالقتل لزمته كفارة يفتى بها ويخرج بالصوم منها فلو رجع عليه إنما يرجع بضمان المالية ويطالب به ويحبس به ولا يجوز له ان يرجع عليه بأكثر مما لزمه وحجتنا في ذلك أن اليد على هذا الصيد كانت يدا معتبرة لحق الآخذ لأنه يتمكن به من الارسال واسقاط الجزاء به عن نفسه والقاتل يصير مفوتا عليه هذه اليد فيكون ضامنا له وإن لم يملكه الآخذ كغاصب المدبر إذا قتله انسان في يده يدل عليه انه قرر عليه ما كان على شرف السقوط وذلك سبب مثبت للرجوع عليه كشهود الطلاق إذا رجعوا قبل الدخول والذي قال يفتى به ويخرج عنه بالصوم فذلك ليس لمعنى راجع إلى نفس الحق بل لمعنى ممن له الحق فان حقوق الله تعالى على عباده بطريق الفتوى والخروج عنه بالصوم لان الله تعالى غني عن مال عباده إنما يطلب منهم التعظيم لامره ومثل هذا التفاوت لا يمنع الرجوع كالأب إذا غصب مدبر ابنه فغصبه منه آخر ثم إن الابن ضمن أباه رجع الأب على الغاصب منه وإن كان هو لا يحبس فيما لزمه لابنه ويكون له أن يحبس الغاصب منه فيما يطالبه به (قال) ولو أحرم وفي يده ظبي فعليه أن يرسله لان استدامة اليد عليه بعد الاحرام بمنزلة الانشاء فان اليد مستدامة وكما أن انشاء اليد متلف معنى الصيدية فيه فالاستدامة كذلك (قال) فان أرسله انسان من يده فعلى المرسل قيمته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لذي اليد وهو القياس وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا شئ عليه استحسانا وهو نظير اختلافهم فيمن أتلف على غيره شيئا من المعازف فأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قالا فعله أمر بالمعروف ونهى عن المنكر لأنه مأمور شرعا بارساله فإذا كان ذلك مما يلزمه شرعا ففعل ذلك غيره لا يكون مستوجبا للضمان كمن أراق خمر مسلم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الصيد قبل الاحرام كان ملكا له متقوما ولم يبطل ذلك بالاحرام. ألا ترى أن الصيد لو كان في بيته بقي مملوكا متقوما على حاله فالذي أرسله من يده أتلف عليه ملكا متقوما فيضمن له بخلاف إراقة الخمر على المسلم ثم الواجب عليه رفع يده ولو رفع بنفسه يرفعه عليه وجه لا يفوت ملكه بعد ما يحل من احرامه فإذا فوت هذا المرسل ملكه فقد زاد على ما يحق عليه فعله فيكون ضامنا له وهذا طريقه أيضا في اتلاف المعازف وفرق بين هذا وبين ما إذا أخذ الصيد وهو محرم فقال هناك لم يملكه بالأخذ فالمرسل لا يكون
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست