المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٠
حجة ولا عمرة بعينها كان له أن يعين في الانتهاء ويجعل ذلك كتعيينه في الابتداء وهذا لان الاحرام بمنزلة الشرط لأداء النسك. ألا ترى أنه يصح في غير وقت لأداء ولا يتصل به الأداء فتركه نية التعيين فيه لا يجعله مخالفا وإذا عين قبل الاشتغال بعمل الأداء كان ذلك كالتعيين في الابتداء حتى أنه لو اشتغل بالطواف قبل التعيين لم يكن له أن يعين بعد ذلك عن واحد منهما لأنه لما اشتغل بالعمل تعين احرامه عن نفسه فان أداء العمل مع ابهام النسك لا يكون وليس أحدهما بأولى من الآخر فتعين احرامه عن نفسه فلا يملك أن يجعله لغيره بعد ذلك (قال) وإذا أهل الرجل عن نفسه وعن ولده الصغير الذي معه ثم أصاب صيدا فعليه دم واحد ولا يجب عليه من جهة اهلاله عن ابنه شئ لان عبارته في اهلاله عن ابنه كعبارة ابنه أن لو كان من أهله فيصير الابن محرما بهذا لا أن يصير الأب محرما عنه بقي للأب احرام واحد فعليه جزاء واحد بخلاف القارن فهو محرم عن نفسه باحرامين فكان عليه جزاءان (قال) وإذا أم الرجل البيت فأغمى عليه فأهل عنه أصحابه بالحج ووقفوا به في المواقف وقضوا له النسك كله قال يجزيه ذلك عن حجة الاسلام في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يجزيه والقياس قولهما لأنه لم يأمر أصحابه بالاحرام عنه وليس للأصحاب عليه ولاية فلا يصير هو محرما باحرامهم عنه لان عقد الاحرام عقد لازم والزام العقد على الغير لا يكون الا بولاية ولان الاحرام لا ينعقد الا بالنية وقد انعدمت النية من المغمى عليه حقيقة وحكما لان نية الغير عنه بدون أمره لا تقوم مقام نيته والدليل عليه ان سائر المناسك لا تتأدى بأداء الأصحاب عنه فكذلك الاحرام وجه قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو أنه لما عاقدهم عقد الرفقة فقد استعان بهم في كل ما يعجز عن مباشرته بنفسه والاذن دلالة بمنزلة الاذن فصاحا كما في شرب ماء السقاية وكمن نصب القدر على الكانون وجعل فيه اللحم وأو قد النار تحته فجاء انسان وطبخه لم يكن ضامنا لوجود الاذن دلالة وإذا ثبت الاذن قامت نيتهم مقام نيته كما لو كان أمرهم بذلك نصا وأما سائر المناسك فالأصح أن نياتهم عنه في أدائها صحيح إلا أن الأولى أن يقفوا به وأن يطوفوا به ليكون أقرب إلى أدائه لو كان مفيقا ولو أدوا عنه جاز ومن أصحابنا من فرق فقال الاحرام بمنزلة الشرط فتجزى النيابة في الشروط وإن كان لا تجزى في لاعمال. ألا ترى أن المحدث إذا غسل أعضاءه غيره كان له أن يصل بتلك
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست