المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٥
الاحكام للناس والحج من أركان الدين فأمن أن يموت قبل أن يبينه للناس بفعله ولان تأخيره كان لعذر وذلك أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة ويلبون تلبية فيها شرك وما كان التغيير ممكنا للعهد حتى إذا تمت المدة بعث عليا رضى الله تعال يعنه حتى قرأ عليهم سورة براءة ونادى أن لا يطوفن بهذا البيت بعد هذا العام مشرك ولا عريان ثم حج بنفسه ومن ذلك أنه كأن لا يستطيع الخروج وحده بل يحتاج إلى أصحاب يكونون معه ولم يكن متمكنا من تحصيل كفاية كل واحد منهم ليخرجوا معه فلهذا أخره أو كان للنسئ الذي كان يفعله أهل الجاهلية وقد بينا هذه الاعذار في الخلافيات (قال) وان أهلت المرأة بغير حجة الاسلام فللزوج أن يمنعها من الخروج إن كان لها محرم أو لم يكن لأنها ممنوعة عن التطوع بغير إذن الزوج قال صلى الله عليه وسلم لتلك المرأة لا تصومي تطوعا الا بأذن زوجك ولأنا لو مكناها من ذلك فوتت على الزوج حقه أصلا لأنها كما خرجت عن حجة أحرمت بأخرى وهي لا تملك تفويت حق الزوج عليه فلهذا كان له أن يمنعها وهي بمنزلة المحصرة إلا أن للزوج أن يحللها هنا قبل أن تبعث بالهدى ليوفر حقه عليه بخلاف ما إذا عدمت المحرم في حجة الاسلام وقد بينا هذا فيما سبق وكذلك المملوك إذا أهل بغير إذن المالك (قال) وإذا أذن لعبده أو لامته في الاحرام كرهت له أن يمنعه بعد ذلك ولو حلله جاز بخلاف الزوج وقد تقدم بيان هذا الفرق أيضا اعاده للفرق وهو أنه لما باع المملوك بعد الاذن له فللمشتري أن يحلله بغير كراهة عندنا لان الكراهة في حق البائع كأن لمعنى خلف الوعد وذلك غير موجود في حق المشترى وعلى قول زفر رحمه الله تعالى ليس للمشترى ان يحلله ولكون له ان يرده عليه بعيب الاحرام وجعله بمنزلة النكاح إذا زوج أمته ثم باعها لم يكن للمشترى ان يبطل ذلك النكاح لأنه سبق ملكه ولكن يجوز له ان يردها إذا لم يكن عالما به فكذلك هنا ولكنا نقول المشترى في ملك الرقبة قائم مقام البائع ولم يكن للبائع ولاية ابطال النكاح بعد صحته فلا يكون ذلك للمشترى أيضا وقد كان للبائع ولاية التحليل من الاحرام قبل أن يبيعه فيكون ذلك للمشترى أيضا وإذا ثبت له ولاية التحلل لم يكن ذلك عيبا لازما توضيحه ان النكاح حق العباد فيكون معارضا لحق المشترى فيترجح عليه بالسبق فاما الاحرام لزومه ليس لحق العباد العباد وحق العبد في المحل مقدم على حق الله تعالى فلهذا كان للمشترى ان يحلله وعلى هذا الخلاف إذا أحرمت المرأة ثم
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست