المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٥٦
إذا كان مأمورا بالقران من جهة الميت حتى لم يصر مخالفا لان دم القران نسك وسائر المناسك عليه فكذلك هذا النسك ولان لهذا الدم بدلا وهو الصوم ولو كان معسرا لم يشكل ان الصوم عليه دون المحجوج عنه فكذلك الهدى يكون عليه (قال) وكذلك لو أمر بالعمرة عن الميت فقرن معها حجة فهو على الخلاف الذي ذكرنا إلا أن على قولهما نفقة ما بقي من الحج بعد أداء العمرة يكون على الحاج خاصة لأنه في ذلك عامل لنفسه لا للميت فلا يستوجب النفقة في مال الميت وبهذا الفصل يتضح كلام أبي حنيفة رحمه الله تعالى على ما بينا (قال) وإذا كان أمر بالحج فبدأ واعتمر في أشهر الحج ثم حج من مكة كان مخالفا في قولهم جميعا لأنه مأمور بان يحج عن الميت من الميقات والمتمتع يحج من جوف مكة فكان هذا غير ما أمر به ولأنه مأمور بالاتفاق في سفر يعمل فيه للميت وإنما أنفق في سفر كان عاملا فيه لنفسه لان سفره إنما كان للعمرة وهو في العمرة عامل لنفسه (قال) وكل دم يلزمه المجهز يعنى الحاج عن الغير فهو عليه في ماله لأنه إن كان دم نسك فإقامة المناسك عليه وإن كان دم كفارة فالجناية وجدت منه وإن كان دما وجب بترك واجب فهو الذي ترك ما كان واجبا عليه فلهذا كانت هذه الدماء عليه في ماله الا دم الاحصار فإنه في مال المحجوج عنه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هو على الحاج أيضا لان وجوبه لتعجيل الاحلال فيكون قياس الدم الواجب بالجماع ولأنه في معنى دم القران لأنه مشروع للتحلل وهما احتجا وقالا دم الاحصار للخروج عن الاحرام وهو بمباشرة الاحرام كان عاملا للميت فكان الميت هو المدخل له في هذا حكما فعليه اخراجه كما بينا في العبد إذا أحرم بإذن مولاه ثم أحصر كان عليه اخراجه توضيحه أن دم الاحصار بمنزلة نفقة الرجوع ونفقة الرجوع في مال الميت وكان الحاج هو المنتفع به فكذلك دم الاحصار في ماله وإن كان الحاج هو المنتفع به ثم يرد ما بقي من المال على وصى الميت فيحج به انسانا من حيث يبلغ ولا ضمان عليه فيما أنفق لأنه لم يكن مخالفا لامر الميت فيما أنفق الا ترى أنه لو مات في الطريق لم يضمن ما أنفق فكذلك إذا أحصر وقوله من حيث يبلغ يعني إذ كان ما بقي من المال لا يمكن أن يحج به من منزل الميت فيحج به من حيث يمكن وصار هذا كما لو لم يبلغ في الابتداء ثلث ماله الا هذا القدر فيحج به بحسب الامكان وأصل المسألة ان من أوصى بأن يحج عنه بثلث ماله فإنما يحج من منزله لأنه لو خرج للحج بنفسه كان يخرج من منزله فكذلك
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست