المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
يوما أو أقل أو أكثر لأنه لا يقدر على الخروج الا معهم فلم يكن هو متوطنا بمكة لحاجة نفسه وان أقام بعد خروج قافلته فحينئذ ينفق من مال نفسه فان بدا له بعد المقام أن يرجع فنفقته في مال الميت لأنه كان استحق نفقة الرجوع في مال الميت وإنما كان ينفق من مال نفسه لتأخير الرجوع فإذا أخذ في الرجوع عادت نفقة الرجوع في مال الميت وهو نظير الناشزة إذا عادت إلى بيت زوجها تستحق النفقة وكذلك المضارب إذا أقام في بلدته أو في بلدة أخرى ونوى الإقامة خمسة عشر يوما لحاجة نفسه لم ينفق من مال المضاربة فان خرج مسافرا بعد ذلك كانت النفقة في مال المضاربة وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قالا لا تعود نفقته في مال الميت هنا لان القياس أن لا يستوجب نفقة الرجوع في مال الميت لأنه في حق الرجوع عامل لنفسه لا للميت ولكنا تركنا ذلك وقلنا أصل سفره كان لعمل الميت فما بقي ذلك السفر تبقى نفقته في مال الميت وبالوصول لم يبق ذلك السفر ثم هو أنشأ سفرا بعد ذلك لحاجة نفسه وهو الرجوع إلى وطنه فلا يستوجب لهذا السفر النفقة في مال الميت ولم يذكر في الكتاب أنه إذا وصل إلى مكة قبل وقت الحج بزمان كيف يكون حاله في الانفاق وقد ذكر في النوادر عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنه إذا قدم في الأيام العشر فنفقته في مال الميت وان قدم قبل ذلك أنفق من مال نفسه إلى أن تدخل أيام العشر ثم نفقته في مال الميت بعد ذلك لان العادة ان قدوم قوافل مكة يتقدم ويتأخر ولكنه في الأيام العشر. وافق لما هو العادة فأما قدومه قبل أيام العشر مخالف لما هو العادة وهو في هذه الإقامة ليس يعمل للميت شيئا فلهذا كانت نفقته في مال نفسه (قال) فان أوصى أن يحج عنه بألف درهم فبلغت حججا فالوصي بالخيار ان شاء دفع كل سنة حجة وإن شاء أحج عنه رجالا في سنة واحدة وهو أفضل لان الوصية بالحج بمال مقدر بمنزلة الوصية بالتصدق بمال مقدر وفي ذلك الوصي بالخيار بين التقديم والتأخير والتعجيل أفضل لأنه أقرب إلى تحصيل مقصود الموصى وأبعد عن فوات مقصوده بهلاك المال (قال) وإذا حج العبد بإذن مولاه فان ذلك لا يجزئه عن حجة الاسلام لقوله صلى الله عليه وسلم أيما عبد حج ولو عشر حجج فعليه حجة الاسلام إذا عتق وأيما صبي حج ولو عشر حجج فعليه حجة الاسلام إذا بلغ وأيما اعرابي حج ولو عشر حجج فعليه حجة الاسلام إذا هاجر وإنما قال هذا حين كانت الهجرة فريضة وكان المعنى فيه أن العتق من شرائط وجوب
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست