المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٣
الا هذا وأوصى بان يحج عنه فإنه يحج من حيث يبلغ فان أحجوا به من موضع فرجع الحاج بفضل نفقة وكسوة فقد تبين أنهم أخطأوا فكان الوصي ضامنا لما أنفقه فيضم ذلك إلى ما بقي ويحج به عن الميت من حيث يبلغ الا إذا كان الفاضل شيئا يسيرا فحينئذ هذا والأول سواء في القياس ولكن في الاستحسان تجزى الحجة عن الميت ولا يكون الوصي ضامنا لان اليسير من التفاوت لا يمكن الاحتراز عنه فلا بد من أن يبقى بعد رجوعه كسرة أو جراب خلق أو ثوب خلق فلهذا جعل هذا القدر عفوا ولكن يرد على الورثة أو على الموصى له إن كان هناك موصى له بالثلث (قال) وإذا أهلت المرأة بحجة الاسلام لم يكن لزوجها أن يمنعها إذا كان معها محرم وإن لم يكن معها محرم كان له ان يمنعها وهي بمنزلة الحرة المحصرة وقد بينا فيما تقدم ان من شرائط وجوب الحج عليها في حقها المحرم عندنا ثم يشترط أن تملك قدر نفقة المحرم لان المحرم إذا كان يخرج معها فنفقته في مالها الا في رواية عن محمد رحمه الله تعالى يقول نفقة المحرم في ماله لأنه غير مجبر على الخروج فإذا تبرع به لم يستوجب بتبرعه النفقة عليها ولكن في ظاهر الرواية هي لا تتوسل إلى الحج الا بنفقة المحرم كما لا تتوسل الا بنفقتها فكما يشترط لوجوب الحج عليها ملك الزاد والراحلة ويجعل ذلك شرطا لنفسها فكذلك للمحرم الذي يخرج معها يجعل ذلك شرطا وقد بينا شرائط الوجوب فيما سبق ولم يتعرض في شئ من المواضع لا من الطريق واختلف مشايخنا أن أمن الطريق شرط للوجوب أم شرط للأداء وكان ابن أبي شجاع رحمه الله تعالى يقول هو شرط الوجوب لان بدونه يتعذر الوصل إلى البيت الا بمشقة عظيمة فيكون شرط الوجوب كالزاد والراحلة وكان أبو حازم رحمه الله تعالى يقول هو شرط الأداء لان النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الاستطاعة فسرها بالزاد والراحلة ولا تجوز الزيادة في شرط وجوب العبادة بالرأي ولم يكن الطريق في وقت أخوف مما كان يومئذ لغلبة أهل الشرك في ذلك الموضع ولم يشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الطريق فدل أن ذلك ليس من شرائط الوجوب إنما شرط الوجوب ملك الزاد والراحلة للذهاب والمجئ وملك نفقة من تلزمه نفقته من العيال كالزوجة والولد الصغير وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى مع ذلك زيادة نفقة شهر لأن الظاهر أنه إذا رجع لا يشتغل بالكسب الا بعد مدة فاستحسن اشتراط ملك نفقة شهر بعد رجوعه ثم بعد استجماع شرائط الوجوب يجب على الفور حتى يأثم بالتأخير عند أبي يوسف رواه عنه بشر بن المعلى وهكذا ذكره ابن شجاع عن أبي
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست