فوته على نفسه حيث أطاع سيده ولم يخالفه ويرفعه للحاكم ليجبره على تمكينه من فعله لأنه حيث أذنه في النذر ليس له منعه قوله: (ولا يمنع مكاتب يسيره) أي من يسير الاعتكاف الذي شرع فيه ولو بلا إذن من سيده، قال خش: ومثله المرأة أي التي يحتاج لها زوجها فليس له منعها من يسير الاعتكاف، وظاهره مطلقا سواء كان أذن لها فيه أم لا وفيه نظر لما تقدم من قوله: وإن أذن لعبد أو امرأة في نذر فلا منع فإن مفهومه المنع عند عدم الإذن ولو يسيرا، ويدل على بطلانه أيضا ما تقدم في الجماعة من قوله: ولا يقضى على زوجها به وإذا كان له منعها من المسجد لصلاة واحدة فأحرى الاعتكاف اه بن. والحاصل أن المرأة إذا كان يحتاج لها الزوج فهي كالعبد فيما ذكر من القسمين أي من الاذن وعدمه، وأما إن كان لا يحتاج لها فيجوز لها أن تعتكف بغير إذنه وليس له منعها منه ولو كثر. قوله: (ولزم يوم) أي زيادة على الليلة قوله: (وأولى عكسه) أي فإن نذر يوما لزمه ليلة زيادة على اليوم الذي نذره والليلة التي تلزمه في هذه ليلة اليوم الذي نذره لا الليلة التي بعده كما هو ظاهر ما لابن يونس وغيره، وحينئذ يلزم في هذه الصورة دخوله المعتكف قبل الغروب أو معه، وكذا في مسألة المصنف قاله شيخنا. قوله: (فلا يلزمه شئ) أي عندنا خلافا للشافعية اه بن. وقوله: فلا يلزمه شئ أي ما لم ينو الجوار وإلا لزمه ما نذره. واعلم أن ما ذكره من عدم لزوم شئ باتفاق ابن القاسم وسحنون واختلافهما في أن من نذر طاعة ناقصة كصلاة ركعة وصوم بعض يوم يلزمه إكماله عند الأول ولا يلزمه شئ عند الثاني في غير الاعتكاف، وأما هو فلا يلزمه فيه شئ باتفاقهما لضعف أمر الاعتكاف، وبخلاف الصوم والصلاة والحج فإن أمرها قوي لكونها من دعائم الاسلام قوله: (خلافا لسحنون) أي حيث قال: لا يلزم شئ كالاعتكاف. قوله: (ولزم تتابعه) أي الاعتكاف المنذور في مطلقه أي فيما إذا نذره مطلقا غير مقيد بتتابع ولا تفريق، فإذا نذر اعتكاف عشرة أيام فإنه يلزمه تتابعها لان طريقة الاعتكاف وشأنه التتابع قوله: (فإن نوى أحدهما عمل به) فيه نظر بل إذا نوى عدم التتابع لم يلزمه تتابع ولا تفريق اه بن.
قوله: (حين دخوله المعتكف) أي لان النفل يلزم إتمامه بالشروع فيه، فإن لم يدخل معتكفه فلا يلزمه ما نواه. قوله: (متعلق بلزم) أي فيكون الدخول سببا في اللزوم قوله: (وهو ظاهر) أي إن ما نواه حين دخوله لازم له قوله: (وما قيل) القائل لذلك خش وعلل بعلة لا معنى لها. قوله: (كمطلق الجوار) الأولى أن يقول: كالجوار المطلق إذ فرق بين مطلق الماهية والماهية المطلقة فإن الثاني عبارة عن الماهية بقيد الاطلاق وهو أخص من الأول، وقوله كمطلق الجوار كأن يقول: لله علي أن أجاور المسجد عشرة أيام ولم ينو ليلا ولا نهارا ولم يتلفظ بذلك ولم ينو الفطر ولم يتلفظ به، فإذا قال ذلك وكان كذلك فكأنه قال: لله علي اعتكاف عشرة أيام، وحينئذ فهو اعتكاف بلفظ الجوار فيلزمه ما يلزم في الاعتكاف ويمتنع ما يمتنع فيه، وحينئذ فيلزمه تتابعها إن نواه أو لم ينو شيئا، فإن نوى التفريق عمل بها، وإذا نوى في قلبه أن يجاور في المسجد عشرة أيام ولم ينو ليلا ولا نهارا ولا فطرا فهو اعتكاف في المعنى غير منذور، فإذا دخل المسجد لزمه اعتكاف عشرة أيام، وإن لم يدخل فلا يجب عليه شئ، ومفهوم لم يقيد بليل ولا نهار أنه إذا قيد بذلك بالتلفظ أو النية لزمه ما قيد به فقط لكن بلا صوم، وكذلك لو كان الجوار مطلقا ولكن نوى الفطر أو تلفظ به فإنه يلزمه من غير صوم، ومحل لزومه إذا قيد بالفطر أو الليل أو النهار إذا نذر الجوار، أما إذا نواه فقط فلا يلزمه شئ ولو دخل المسجد. والحاصل أن الجوار إما مطلق أو مقيد بليل أو نهار، فإن كان مطلقا ولم ينو فيه فطرا لزم بالنذر إذا نذره ولزم بالدخول إذا نواه، وإن نوى فيه الفطر فلا يلزم إلا بالنذر ولا يلزم بالدخول إذا نواه، وكذا المقيد بليل أو نهار فلا يلزم إلا بالنذر ولا يلزم بالدخول إذا نوى ذلك من غير نذر.