الفقر، أما الغني فلا يجوز له الاخذ. وقال اللخمي وابن رشد: إذا منعوا حقهم من بيت المال جاز لهم أخذ الزكاة مطلقا سواء كانوا فقراء أو أغنياء بالأولى من الأصناف المذكورة في الآية، كذا ذكر شيخنا في حاشية خش وقرر أن الراجح من القولين الأول. قوله: (تغرب في غير معصية) أشار إلى أن المجرور متعلق بغريب لما فيه من رائحة الفعل أي تغرب في غير معصية بالسفر بأن كان غير عاص أصلا، أو كان عاصيا في السفر فيعطى في هاتين الحالتين، ومفهومه أنه لو كان عاصيا بالسفر لم يعط كما قال الشارح.
قوله: (ولو خشي عليه الموت) أي لان نجاته في يد نفسه بالتوبة، وقيل إذا خيف عليه الموت فإنه يعطى ولو لم يتب لأنه وإن عصى هو لا نعصي نحن نقله ابن عرفة، ونقل أبو علي المسناوي عن التبصرة ما يفيد تفصيلا ونصها: ولا يعطى ابن السبيل منها إن خرج في معصية كأن يريد قتل نفس أو هتك حرمة وإن خيف عليه الموت إلا أن يتوب، ولا يعطى منها ما يستعين به على الرجوع إلا أن يكون قد تاب أو يخاف عليه الموت في بقائه إن لم يعط فقد فصل بين المسير والرجوع وهو ظاهر اه بن. قوله: (ولم يجد مسلفا) أي في ذلك الموضع الذي هو فيه يسلف ما يوصله لبلده. قوله: (أي لم يجد مسلفا في هذه الحالة) أشار إلى أن هذا الشرط عدمي مقيد بقيد وجودي يعني أنه إنما يعطى إذا لم يجد مسلفا بشرط أن يكون غنيا ببلده فإن وجد مسلفا وهو غني ببلده فقد انتفى أحدهما فينتفي الحكم وهو الاخذ من الزكاة وإن وجد مسلفا وهو فقير ببلده فقد انتفى الشرطان فوجود المسلف كعدمه، وحينئذ فيثبت الحكم وهو الاخذ من الزكاة لانتفاء شرط ضده فضد الاخذ عدمه وشرط الغنى ببلده فإن لم يجد مسلفا وهو فقير ببلده بأن انتفى الشرط الثاني ثبت الحكم أيضا وهو الاخذ من الزكاة، فمفهوم الثاني مفهوم موافقة. وحاصل الفقه أن الغريب إذا كان محتاجا لما يوصله وكان تغربه في غير معصية بالسفر، فإن لم يجد مسلفا أصلا أعطي منها كان معدما ببلده أو مليا، وإن وجد مسلفا أعطي إن كان عديما ببلده لا إن كان مليا، أما لو كان معه ما يوصله فلا يعطى منها كما أنه لو كان تغربه في معصية لا يعطى منها. قوله: (وصدق في دعواه الغربة) أي لأنه لا يجد من يعرفه في ذلك الموضع حتى يكلف بالبينة قوله: (نزعت منه) أي إن كانت باقية كما يشعر به تعبير بنزعت، فإن ذهبت لم يرجع عليه كما هو المنصوص للخمي وغيره قوله: (إلا أن يكون فقيرا ببلده) أي فيسوغ له أخذها لفقره ولا تنزع منه. قوله: (وأتبع بها إن أنفقها) أي فهي دين في ذمته فليس الغازي كالغريب عند عدم بقائها في يده. قوله: (وفي نزعها من غارم يستغني) أي لأنه أخذ لشئ ولم يحصل.
وقوله: وعدم نزعها أي لأنه أخذ بوجه جائز. قوله: (للخمي وحده) أشار الشارح بهذا إلى أن المراد بالتردد هنا التحير من شخص، ونص كلامه على ما في المواق و ح، وفي الغارم: يأخذ ما يقضي به دينه ثم يستغني قبل أدائه إشكال، ولو قيل تنزع منه لكان وجيها. قوله: (فكان الأولى للمصنف إلخ) أي لان حكاية التردد إنما تحسن لو كان اللخمي باقيا عليه مع أنه قد اختار بعد التردد النزع فتأمل. قوله: (دون عموم الأصناف الثمانية فلا يندب) فيجوز دفع جميعها لصنف واحد إلا العامل فلا تدفع إليه كلها إلا إذا كانت قد عمله فأقل كما في ح. قوله: (إلا أن يقصد الخروج من خلاف الشافعي) أي فيندب التعميم حينئذ، فالمنفي أولا الندب الذاتي الأصلي، والمثبت الندب العرضي، وفهم أصحابنا أن الواو في قوله تعالى: * (إنما الصدقات للفقراء) * الآية بمعنى أو، وأن معنى الاختصاص في الآية عدم خروجها عنهم قاله في المج قوله: (خوف قصد المحمدة) أي خوفا عليه من أنه إذا تولى تفرقتها بنفسه يقصد حمد الناس وثنائهم عليه. قوله: (إن كان لا تلزمه) أي يلزم رب المال نفقة ذلك القريب المخصص وإلا منع التخصيص بل يمنع الاعطاء له وإن لم يكن على وجه التخصيص، وأما تخصيص النائب قريبه مطلقا سواء كانت تلزمه نفقته أم لا فهو