وقوله: يجلس عطف على قوله: يرجع قائما فهو من باب العطف على معمولي عامل واحد وهو تارك، لكن جهة المعمولية مختلفة لان أحدهما عمل فيه بالإضافة والثاني عمل فيه بالخبرية، وقد سبق أول الكتاب أن اختلاف الجهة هل ينزل منزلة اختلاف العامل أم لا؟ ويصح أن يكون وسجدة مضافا لمحذوف أي وتارك سجدة فحذف وبقي المضاف إليه على حاله والشرط موجود وهو كون المحذوف مماثلا لما عطف عليه وعلى هذا فهو من عطف الجمل. قوله: (إن كانت الثانية) أي إن كانت السجدة المتروكة الثانية فإن كانت الأولى فإنه ينحط إلخ فيه نظر إذ لا يتصور ترك الأولى وفعل الثانية لان الفرض أنه أتى بسجدة واحدة وهي الأولى قطعا، ولو جلس قبلها فجلوسه ملغى لوقوعه بغير محله ولا يصيرها الجلوس قبلها ثانية ولا فعله لها بقصد أنها ثانية وهو واضح، ثم بعد هذا فاعلم أن تارك السجدة قيل إنه يرجع للجلوس مطلقا ويسجد، وقيل إنه يرجع ساجدا مطلقا من غير جلوس بأن ينحط للسجدة من قيام بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة، وقيل: إن كان جلس أولا قبل نهضته للقيام وبعد السجدة الأولى كما إذا سجد أولا وجلس بعد تلك السجدة ثم قام ولم يسجد الثانية فإنه لا يجلس بل يخر ساجدا بغير جلوس وإن كان لم يجلس قبل نهضته للقيام فإنه يجلس وهو مبني أيضا على أن الحركة للركن غير مقصودة والقول الأول لمالك في سماع أشهب وهو المعتمد، والثاني رواه أشهب عن مالك، والثالث ذكره عبد الحق، والمصنف مشى على القول الأول وهو أن تارك السجدة يرجع جالسا مطلقا بناء على أن الحركة للركن مقصودة، إذا علمت هذا تعلم أن قول التوضيح محل كون تارك السجدة يرجع جالسا إذا لم يكن جلس أولا وإلا خر ساجدا بغير جلوس اتفاقا فيه نظر لان هذا قول مقابل للمعتمد فلا نسلم حكايته الاتفاق، بقي شئ آخر وهو أنه على القول المعتمد من أن تارك السجدة يجلس لو خالف ورجع ساجدا من غير جلوس، فاستظهر خش في كبيره البطلان لان الجلوس بين السجدتين فرض، قال شيخنا: وقد يقال: الظاهر الصحة مراعاة لما رواه أشهب من أن تارك السجدة يخر للسجود من قيام ولا يجلس قوله: (بل ينحط لهما من قيام) فلو فعلهما من جلوس فلا بطلان ويسجد قبل السلام فالانحطاط لهما غير واجب كما في التوضيح و ح عن عبد الحق، واعترض بأنه على المشهور من أن الحركة للركن مقصودة فالانحطاط لهما واجب فكيف يجبر بالسجود وعلى أنها غير مقصودة فليس بواجب ولا سنة؟ وأجاب بعضهم بمثل ما مر في سلام النفل بأن مراعاة القول بأنها غير مقصودة صيرها كالسنة فلذا جبر بالسجود قوله: (ولا يجبر ركوع أولاه إلخ) أي أن الركوع الحاصل منه أولا لا يضم إلى سجود ثانيته بحيث يصير المجموع كله ركعة فأراد بالجبر الضم قوله: (المنسي سجدتاه) هذا الحل حل به حلولو، وحل المواق بحل آخر حيث صوره بما إذا ترك سجدة فقط من الأولى وأتى بركوع وسجدة وترك الركوع من السجدة الثانية وسجد لها فلا يجبر الركوع في الأولى بشئ من سجود الثانية لأنه إنما فعله بقصد الثانية وسجد لها، بل يأتي بسجدة يصلح بها الأولى ويبني عليها، فالحكم في المسألتين واحد، إلا أن حل حلولو هو المتبادر من المتن فالأنسب حمله عليه. قوله: (فإن ذكرهما) أي سجدتي أولاه جالسا أو ساجدا إلخ أي وأما إن ذكرهما وهو قائم انحط لهما من ذلك القيام وسجد بعد السلام لزيادة السجدتين الواقعتين في الركعة الثانية قوله: (لينحط لهما من قيام) أي لأجل إصلاح الأولى لان التدارك لا يفوت إلا بالركوع ولا ركوع هنا قوله: (فيتداركها بأن يسجد سجدة) أي ثم يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ويجلس
(٢٩٨)