مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٨٠
الطرطوشي. وقال غيره: العقد غير جائز وينبغي فسخه ورده، وهذا إنما هو إذا كان القاضي مجتهدا وهكذا فرض المازري المسألة فيه قال: وإن كان الامام مقلدا وكان متبعا لمذهب مالك واضطر إلى ولاية قاض مقلد لم يحرم على الامام أن يأمره أن يقضي بين الناس بمذهب مالك ويأمره أن لا يتعدى في قضائه مذهب مالك لما يراه من المصلحة في أن يقضي بين الناس بما عليه أهل الإقليم والبلد الذي هذا القاضي منه ولي عليهم. وقد ولى سحنون رجلا سمع بعض كلام أهل العراق وأمره أن لا يتعدى الحكم بمذهب أهل المدينة وقوله. قال الباجي: كان في سجلات قرطبة ولا يخرج عن قول ابن القاسم ما وجده. هكذا نقله الطرطوشي عن الباجي، وهو جهل عظيم منهم، يريد لان الحق ليس في شئ معين. قال ابن رشد: وما نقل عن سحنون من ولاية ذلك الشخص على أن لا يخرج عن أقوال أهل المدينة يريد قولهم انتهى.
وقال ابن عرفة في أثناء الكلام على استخلاف القاضي نائبا: وشرط المستخلف على مستخلفه الحكم بمذهب معين وإن خالف معتقد المستخلف اجتهادا أو تقليدا فخرج على شرط ذلك الامام في توليته قاضيه عليه في صحته وبطلان توليته بذلك، ثالثها يبطل الشرط فقط لظاهر نقلهم عن سحنون أنه ولى رجلا سمع بعض كلام أهل العراق وشرط عليه الحكم بمذهب أهل المدينة. المازري: مع احتمال كون الرجل مجتهدا مع نقل الباجي كان الولاة عندنا بقرطبة يشترطون على من ولوه القضاء في سجله أن لا يخرج عن مذهب ابن القاسم ما وجده والطرطوشي لقوله فيما حكاه الباجي هذا جهل عظيم. ونقل المازري عن بعض الناس مع تخريجه على أحد الأقوال بإبطال فاسد الشرط في عقد البيع مع صحة البيع. قال: وقال بعض الناس: إن كان القاضي على مذهب مشهور وعليه عمل أهل بلده نهى عن الخروج عن ذلك المذهب وإن كان مجتهدا أداه اجتهاده إلى الخروج وعنه لتهمته أن يكون خروجه حيفا أو هوى، وهذا القول عمل بمقتضى السياسة ومقتضى الأصول خلافه والمشروع اتباع المجتهد مقتضى اجتهاده اه‍.
التاسع: قال ابن فرحون في تبصرته: اختلف في قبول ولاية القضاء من الأمير غير العادل، ففي رياض النفوس في طبقات علماء إفريقية لأبي محمد عبد الله بن محمد المالكي قال سحنون: اختلف أبو محمد عبد الله بن فروخ وابن غانم قاضي إفريقية وهما رواة مالك رحمهم الله فقال ابن فروخ: لا ينبغي لقاض إذا ولاه أمير غير عدل أن يلي القضاء. وقال ابن غانم: يجوز أن يلي وإن كان الأمير غير عدل. فكتب بها إلى مالك فقال مالك: أصاب الفارسي يعني ابن فروخ، وأخطأ الذي يزعم أنه عربي يعني ابن غانم.
العاشر: قال في الذخيرة في الكلام على الولاية الخامسة التي هي وظيفة القضاء. قال اللخمي: إقامة الحكم للناس. واجب لأنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فعلى ولي الأمر أن ينظر في أحكام المسلمين إن كان أهلا أو يقيم للناس من ينظر، فإن لم يكن للموضع ولي أمر
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست