مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٨٥
عليه وكل إليه، ومن لم يطلبه ولا استعان عليه أنزل الله ملكا يسدده وقال (ص) لا تسأل الامارة فإنك إن تؤتها من غير مسألة تعن عليها، وإن تؤتها عن مسألة توكل إليها انتهى.
وقال الجزيري في وثائقه: القضاء محنة وبلية ومن دخل فيه فقد عرض نفسه للهلاك لان التخلص منه عسر فالهروب منه واجب لا سيما في هذا الوقت وطلبه نوك وإن كان حسبة.
قاله الشعبي. ورخص فيه بعض الشافعية إذا خلصت نيته للحسبة بأن يكون قد وليه من لا يرضى حاله، والأول أصح لقوله عليه السلام أنا لا نستعمل على عملنا من أراده انتهى.
والنوك بالضم الحمق. قاله في الصحاح. قال قيس بن الخطيم:
وداء النوك ليس له دواء والنواكة الحماقة. قال ابن عرفة إثر نقله كلام المقدمات المذكور قلت: ظاهره مطلقا.
وزعم بعضهم أنه إن خاف من فيه أهلية أن يولي من لا أهلية فيه أن له طلبه وقد تحققت بالخبر الصادق أن بعض شيوخنا وكان ممن يشار إليه بالصلاح لما وقع النظر بتونس في ولاية قاضي الأنكحة تسبب في ولايتها تسببا ظاهرا علمه القريب منه والبعيد، وما أظنه فعل ذلك إلا لما نقل المازري والأعمال بالبينات. قال المازري: يجب على من هو من أهل الاجتهاد والعدالة السعي في طلبه إن علم أنه إن لم يله ضاعت الحقوق أو وليه من لا يحل أن يولي، وكذلك إن وليه من لا تحل ولايته توليته ولا سبيل لعزله إلا بطلبه انتهى.
فرع: قال ابن فرحون: وأما تحصيل القضاء بالرشوة فهو أشد كراهة. وقال أبو العباس من تلامذة ابن شريح الشافعي في كتابه أدب القضاء: من تقبل القضاء بقبالة وأعطى عليه الرشوة فولايته باطلة وقضاؤه مردود وإن كان قد حكم بحق. قال: وإن أعطى رشوة على عزل قاض ليولى هو مكانه فكذلك أيضا، وإن أعطاها على عزله دون ولاية فعزل الأول برشوة ثم استقضى هو مكانه بغير رشوة نظر في المعزول، فإن كان عدلا فإعطاء الرشوة على عزله حرام والمعزول باق على ولايته إلا أن يكون من عزله تاب فرد الرشوة قبل عزله. وقضاء المستخلف أيضا باطل إلا أن يكون تاب قبل الولاية فيصح قضاؤه، فإن كان المعزول جائرا لم يبطل قضاء المستخلف، قال المؤلف أبو العباس: قلت: هذا تخريجا على مذهب الشافعي والحنفي انتهى.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست