الألفاظ التي تنعقد بها الولايات أربعة: صريح وكناية. فالصريح أربعة ألفاظ وهي: وليتك وقلدتك واستخلفتك واستنبتك. والكناية ثمانية ألفاظ وهي: اعتمدت عليك، وعولت عليك، ورددت إليك، وجعلت إليك، وفوضت إليك، ووكلت إليك، وأسندت إليك. قال غيره:
وعهدت إليك. وتحتاج الكناية إلى أن يقترن بها ما ينفي الاحتمال مثل احكم فيهما اعتمدت عليك فيه وشبه ذلك انتهى ونقله ابن بشير في التحرير.
الخامس: قال ابن عرفة: وتولية الامام قاضيه تثبت بإشهاده بها نصا والأصح ثبوتها بالاستفاضة الدالة على توليته والقرائن على علم ذلك، ومنع بعضهم ثبوتها بكتاب يقرأ على الامام إن لم ينظر الشهود في الكتاب المقروء لجواز أن يقرأ القارئ ما ليس في الكتاب ولو قرأه الامام صحت.
قلت: سماع الامام المقروء عليه مع سماعه وسكوته يحصل العلم ضرورة بتوليته إياه.
ونقل المتيطي وغيره عن المذهب ثبوت ولايته بشهادة السماع انتهى. وقوله يقرأ على الامام كذا في النسخة التي رأيت منه وهو الذي يقتضيه بحثه والذي في تبصرة ابن فرحون عن الامام وهو الظاهر والله أعلم. وانظر نوازل ابن رشد في مسائل الأقضية.
السادس: قال ابن فرحون: إذا كان القاضي المولى غائبا وقت الولاية فإنه يجوز أن يكون قبوله على التراخي عند بلوغ التقليد إليه، وعلامة القبول شروعه في العمل وبهذا جرى عمل الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى وقتنا هذا انتهى. وقال في الذخيرة: فرع: قال الشافعية: يجوز انعقاد ولاية القاضي بالمكاتبة والمراسلة كالوكالة وقواعدنا تقتضيه قالوا: فإن كان التقليد باللفظ مشافهة فالقبول على الفور لفظا كالايجاب، وفي المراسلة يجوز على التراخي بالقول. قالوا: وفي القبول بالشروع في النظر خلاف، وقواعدنا تقتضي الجواز لان المقصود هو الدلالة على ما في النفس انتهى.
السابع: قال في الذخيرة: قال الشافعية: إذا انعقدت الولاية لا يجب على المتولي النظر حتى تشيع ولايته في عمله ليذعنوا له، وهو شرط أيضا في وجوب الطاعة، وقواعد الشريعة تقتضي ما قالوه، فإن التمكن والعلم شرطان في التكليف عندنا وعند غيرنا فالشياع يوجب له المكنة والعلم لهم انتهى.
الثامن: قال ابن الحاجب: وللامام أن يستخلف من يرى غير رأيه في الاجتهاد أو التقليد ولو شرط الحكم بما يراه كان الشرط باطلا والتولية صحيحة. قال الباجي: كان في سجلات قرطبة ولا يخرج عن قول ابن القاسم ما وجده. قال في التوضيح: للامام أن يستخلف من يرى غير رأيه كالمالكي يولي شافعيا أو حنيفا، ولو شرط أي الامام على القاضي الحكم بما يراه الامام من مذهب معين أو اجتهاد له كان الشرط باطلا وصح العقد، وهكذا نقله في الجواهر عن