البلاغ، وقال في المدونة: ومن حج عن ميت فترك من المناسك شيئا يجب فيه الدم، فإن كانت الحجة إن كانت عن نفسه أجزأت فهي تجزئ عن الميت وكل ما لم يتعمده من ذلك أو فعله لضرورة فوجب عليه هدي أو أغمي عليه أيام منى حتى رمى عنه غيره أو أصابه أذى فتلزمه الفدية كانت الفدية والهدي في مالك الميت. وهذا كله في البلاغ وما وجب عليه من ذلك لتعمده فهو في ماله، فأما إن أخذ المال على الإجارة فكل ما لزمه بتعمد أو خطأ فهو في ماله انتهى. ونقله اللخمي وغيره وقد نبه الشارح على ذلك في الكبير فقال بعد أن ذكر نحو ما تقدم: وهذا واضح إلا أنه متى حمل على هذا خالف ظاهر ما في المدونة ثم قال: فإذا كان لازما له في الأصل فلا يضره الاشتراط انتهى.
قلت: فالصواب أن يحمل على ما ذكرناه من هدي التمتع والقران المأذون فيهما فقط.
وجعل البساطي الضمير في عليه عائدا إلى المستأجر بكسر الجيم وهو بعيد لا يساعده اللفظ والكلام والله أعلم.
تنبيه: في كلام المدونة المتقدم فائدة: وهي أنه إذا حصل في حج النائب نقص يوجب الهدي لا يضر ذلك في إجزاء الحج ويستثنى من هذا مسألة وهي: ما إذا جاوز الميقات فقد ذكر صاحب الطراز في الاجزاء خلافا تأتي إن شاء الله الإشارة إليه. وقال بعد ذلك: من استؤجر على الحج فإنما عليه حجة صحيحة وما جاز في حجة الاسلام والنذر وأجزأ هنا إلا أنه يجب فيه مراعاة المسافة والاحرام من الميقات لأن العقد يوجبه، وإن أخل به وجب الاختلاف فيه، فإذا أحرم من الميقات فما عليه بعده إلا لخروج من الاحرام بأعمال الحج على وجه الصحة، وسواء فعل ما يوجب عليه دما أو لم يفعل، لأن الدم يجبر الخلل إلا في إفساد الحج. فإن جامع في الحج فأفسده قال ابن القاسم في الموازية: ترد النفقة ويتم ما هو فيه ويحج ثانيا للفساد من ماله ويهدي ثم يحج عن الميت بتلك النفقة إن شاء الورثة، وإن شاؤوا آجروا غيره، وقاله أشهب انتهى. ويأتي إن شاء الله تعالى بقية كلام صاحب الطراز على مسألة إفساد الأجير الحج عند قول المصنف: وفسخت إن عين العام. وقال ابن رشد في سماع ابن أبي زيد من كتاب الحج فيمن أخذ المال على البلاغ وأفسد حجه بإصابة أهله لأنه يغرم المال: ولا يجوز أن يحج عن الميت بما عليه من المال لأنه فسخ دين في دين، فالواجب أن يؤخذ منه المال فإذا أخذ منه دفع إليه أو إلى غيره، إما على الإجارة وإما على البلاغ انتهى. وقوله: بإصابة أهله لا مفهوم له وكذلك لو أفسده بالانزال. وقوله:
دفع المال إليه يعني بعد إتمامه الفاسد وقضائه والله أعلم. ص: (وصحت إن لم يعين العام ويعين الأول) ش: يعني أن الإجارة تصح وإن لم يعين في العقد العام الذي يحج فيه الأجير. وقيل: لا تصح الإجارة للجهالة. قال في التوضيح: والأول أظهر كما في سائر عقود الإجارة إذا وقعت مطلقة فإنها تصح وتحمل على أقرب زمن يمكن وقوع الفعل فيه. ابن شاس: والقولان للمتأخرين