يستطيع القيام فإن لم يستطيعوا كانوا كالمرضى وجاز أن يؤمهم الامام قعودا وهو قاعد انتهى.
وفي سماع عبد الملك: وسأل وأنا أسمع عن القوم في المركب يصلون جلوسا وهم يقدرون على القيام. قال: يعيدون في الوقت وبعده وإن لم يقدروا فلا بأس أن يؤمهم إمامهم وهم جلوس. قال القاضي: وهذا صحيح لأن القيام فرض فمن تركه مع القدرة فلا صلاة له انتهى. وقال ابن بشير: وإن أمكن من كان في السفينة الخروج إلى الشاطئ خرج إليه فإن أدى الصلاة في السفينة على الاكمال لأن الصلاة بالشاطئ أقرب إلى الخشوع وآمن من طريان المفسد. فإن صلى في السفينة وأكمل أجزأته صلاته وإن أخل بفرض مع القدرة على الخروج بطلت صلاته. وإن لم يقدر صحت انتهى. وقال في كتاب الصلاة الثاني من المدونة: ومن صلى في السفينة وهو قادر على الخروج منها أجزأه وأحب إلي أن يخرج منها، وإن قدر على القيام فلا يصلي الفريضة فيها قاعدا. قال ابن ناجي: مفهومه من لم يقدر على القيام صلى جالسا، المغربي ونحوه في العتبية ثم. وقال في المدونة: ويدورون إلى القبلة كلما دارت السفينة فإن لم يقدروا أجزأتهم صلاتهم انتهى. قال ابن رشد في شرح المسألة المتقدمة في كلام اللخمي عن سماع أشهب: وهذا كما قال لأن السجود من فرائض الصلاة فإذا علم أنه لا يقدر في السفينة أن يسجد إلا على ظهر أخيه فلا ينبغي له ركوبها في حج ولا عمرة، فإن فعل وصلى وسجد على ظهر أخيه أعاد أبدا على قوله لأنه جعل ذلك كترك الصلاة وهو الذي يأتي على مذهب ابن القاسم في الذي يقدح الماء من عينه فيصلي إيماء أنه يعيد أبدا. وقال أشهب: لا إعادة عليه وكذا نقول في الذي لا يقدر على الزحام أن يسجد إلا على ظهر أخيه أنه لا يعيد إلا في الوقت وذلك أن الفرض انتقل عنه إلى الايمان من أجل الزحام فكان كالمريض لا يستطيع السجود فرفع إلى جبهته شيئا فسجد عليه أن ذلك يجزئه. وهو عند مالك خلاف المريض يعيد أبدا إن لم يسجد إلا على ظهر أخيه أو إيماء. فإن كان مع الامام فإن لم يقدر على السجود إلا إيماء أو على ظهر أخيه حتى قام الامام سجد ما لم يعقد الامام عليه الركعة التي تليها، وإن كان ذلك في الركعة الأخيرة سجد ما لم يسلم الامام أو ما لم يطل الامر بعد سلامه على الاختلاف في سلام الامام هل هو كعقد ركعة أم لا انتهى.
الثاني: علم من النصوص المذكورة حكم ركوبه ابتداء على التفصيل المتقدم ومن أثناء الكلام حكم ركوبه بعد الوقوع مجملا. وتحصيله أنه إذا ركب البحر فهو مطلوب بالصلاة فيه على أي حال قدر عليها في الأقسام الثلاثة. ثم يختلف الحكم في إعادته بعد ذلك فيما إذا أخل ببعض الأركان، ففي القسم الأول الجائز وهو من علم من نفسه السلامة لا شئ عليه إذا طرأ عليه شئ منعه من أداء الصلاة على وجهها ولا يشك في عدم إعادته وهذا ظاهر.
والظاهر أن حكم القسم الثالث المكروه وهو من شك في أمره كذلك لأنه لم يقدم على الاخلال بالصلاة ولا شئ منها، وعليه يحمل ما تقدم عن المدونة والعتبية أنهم إذا لم يقدروا