عن مخالطة الرجال وعند حاجة الانسان، وإن كان على غير ذلك لم يجز ومنعت انتهى. قال ابن الحاجب: وفي ركوبها البحر قولان تبعا لابن شاس ويختلف في إلزامها الحج مع عدم المحرم، وإذ وجدت رفقة مأمونة ومع الحاجة إلى البحر أو المشي انتهى. ولم يعز ابن عبد السلام ولا المصنف ولا ابن فرحون القول الثاني لاحد ولا ذكروا من ذكره إنما قال في التوضيح : وأخذ القول بجواز ركوبهن البحر مما ورد في السنة بجواز ركوبهن البحر في الجهاد ثم قال:
ويجاب عنه بما تقدم انتهى. ويشير إلى الفرق المتقدم عند قوله. ومال الباجي إلى ركوب البحر وإن أدى إلى تضييع بعض أركان الصلاة. انظر شرح قول المصنف أو يضيع ركن صلاة.
وقال ابن فرحون بعد ذكره كلام الموازية المتقدم: وقيل لا يمنع والخلاف في حال انتهى.
والموجود في المسألة إنما هو قول مالك المتقد وقول اللخمي وابن رشد الذي أخذاه من الحديث المتقدم، ولذا قال ابن عرفة: وفي كون المرأة فيه كالرجل وسقوطه به عنها قولا اللخمي وسماع ابن القاسم مع روايته في المجموعة انتهى.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح بعد كلام مالك في الموازية والعتبية: وأشار اللخمي إلى أن هذا إنما يحسن في الشابة ومن يؤبه بها، وأما المتجالة ومن لا يؤبه بها فهي كالرجل انتهى. وما ذكره عن اللخمي لم أره هنا وإنما ذكره في المشي البعيد كما تقدم نقله عنه هناك.
الثاني: قال في التوضيح إثر كلامه المتقدم: وقيد عياض ما وقع لمالك بما صغر من السفر لعدم الامن حينئذ من انكشاف عوراتهن لا سيما عند قضاء الحاجة قال: وركوبهن فيما كبر من السفن وحيث يخصصن بأماكن يستترن فيها جائز انتهى.
الثالث: ظاهر كلام المصنف هنا وفي المناسك أنهن إذا خصصن بأماكن وجب عليهن الحج وصرح بذلك البساطي في شرحه وكذلك الأقفهسي أيضا في شرحه قائلا: فإنها تصير كالرجال في الوجوب وعدمه انتهى. ونص كلام المصنف في مناسكه: والمرأة كالرجل إلا في المشي من المكان البعيد وركوب البحر فاختلف في إلزامها على قولين، وظاهر المذهب عدم اللزوم فيها. قال عياض: إلا في المراكب الكبيرة التي يخصصن فيها بأماكن انتهى. فمفهوم كلامه هذا أو صريحه موافق لما في المختصر وشرحه عليه البساطي والأقفهسي. والذي في كلام عياض المتقدم في كلام التوضيح في التنبيه الذي قبل هذا إنما هو انتفاء الكراهة حينئذ فقط من جواز الركوب، وما نقله عنه هو في الاكمال في كتاب الجهاد في شرح حديث أم حرام ونصه: وركوبهن فيما كبر من السفن وحيث يخصصن بأماكن يستترن فيها جائز انتهى. وفي كلام الشارح الصغير إشارة إلى ذلك حيث قال بعد ذكره كلام القاضي عياض وإليه أشار بقوله: إلا أن تخص بمكان أي فتنتفي الكراهة انتهى. ولعل المصنف فهم الوجوب من كلام القاضي حيث جعل ركوبهن حينئذ جائزا لأنه إذا كان جائزا صار البحر طريقا لهن يجب سلوكها فوجب عليهن الحج فتأمله.