وليس بصحيح، فإن السجود آكد ولهذا يسقط القيام في النفل وفي حق المسبوق بخلاف الركوع والسجود فالقيام يترخص بتركه في حال والسجود لا يترك إلا بتحقق الضرورة في كل حال. نعم إن كان يتصرع فيتمسك جالسا فهو كتركه السجود لأن الشرع لم يرخص في ذلك إلا عند تحقق الضرورة بخلاف الجلوس انتهى. فكأنه يقول: إذا قلنا بسقوط الحج لأجل السجود في قول مالك فلا يصح أن يقيس عليه السقوط بصلاته جالسا. ونقل القرافي في كلام سند باختصاره. ونقله عنه التادلي وفهم منه عكس المقصود لأنه قال عقبه: وقد يقال وإن كان السجود آكد فقد ترخص فيه فلان يترخص في القيام أولى لكونه دونه انتهى. والموجب لذلك الاختصار.
وقال ابن بشير: إنه يختلف فيه على الخلاف في القياس على الرخص على ما سيأتي إن شاء الله في كلامه. وقول اللخمي في كتاب الصلاة ويكره ركوب البحر إذا كان لا يقدر على الصلاة إلا جالسا انتهى. فعلى هذا لا يسقط فرض الحج بذلك لكنه خلاف ما مشى عليه المؤلف لكونه قال ركن صلاة فأطلق في ذلك وإطلاقه موافق لما نسبه اللخمي في كتاب الحج لمالك وقبله ابن عرفة كما تقدم بيانه. فتحصل من هذا أنه إذا كان ركوب البحر يؤدي إلى الاخلال بالسجود فإنه لا يركبه ويسقط عنه الحج، وإن ركبه وصلى أعاد أبدا. هذا هو المنصوص. وإن أداه إلى الصلاة جالسا فمقتضى إطلاق المصنف وإطلاق البرزلي وما قاله ابن أبي جمرة وقياس اللخمي وابن عرفة وابن فرحون ذلك على السجود على ظهر أخيه أنه كذلك، ومقتضى كلام اللخمي وكلام صاحب الطراز أن ذلك لا يسقط وجوب الحج ولا يعيد الصلاة، وفي المدونة والعتبية: ومن لم يستطع القيام في السفينة يصلي جالسا وسيأتي كلاهما في التنبيه الأول والله أعلم.
تنبيهات: الأول: ركوب البحر على ثلاثة أقسام كما صرح به اللخمي وابن بشير وابن معلى وغيرهم: جائز في حق من يعلم من نفسه أنه لا يميد ولا يضيع الصلاة، وممنوع في حق من يعلم من نفسه تضييع الصلاة، ومكروه في حق من يشك في ذلك. قال ابن بشير في كتاب الصلاة فصل وركوب البحر للأسفار مباح على الجملة ما لم يعرض عارض يمنع من ركوبه. ومن العوارض الاخلال بالصلاة للميد، فمن علم من حاله أنه يميد حتى تفوته الصلاة في أوقاتها أو لا يقدر على أدائها جملة فإن المنصوص من المذهب أنه لا ينبغي له ركوبه ولا إلى حج أو جهاد، وهذا لأنه يطلب فرضا فيضيع فروضا آكد منه، وإن كان يقدر على الأداء بإخلال فرض من فروض الصلاة والانتقال عنه إلى بدل كمن يعلم أنه لا يصلي قائما. هذا إن وجد عنه مندوحة لم يركب وإن لم يجد فقد يختلف فيه على الخلاف في القياس على الرخص، فمن قال به أجاز ركوبه كماله أن ينتقل عن طهارة الماء إلى التراب في السفر في المفازات وإن حمله على ذلك مجر طلب الدنيا، ومن منع القياس عليها منعه إذا أدى للاخلال