مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٧٨
الحج. وقال في موضع آخر: إن الحج إذا لم يمكن إلا بإخراج الصلاة عن وقتها وشبهه فهو ساقط انتهى.
وقال البرزلي ناقلا عن المازري في أثناء جوابه عن سؤال ما نصه: إن كان يقع في ترك الصلوات حتى تخرج أوقاتها أو يأتي ببدل منها في وقتها ولم يوقعه في ذلك إلا السفر للحج، فإن هذا السفر لا يجوز وقد سقط عنه فرض الحج انتهى. ولعله سقط منه قبل قوله أو يأتي ببدل منها أو يترك بعض أركانها أو نحو ذلك والله أعلم. ونقل التادلي عن المازري أن الاستطاعة هي الوصول إلى البيت من غير مشقة مع الامن على النفس والمال والتمكن من إقامة الفرائض وترك التفريط وترك المناكير انتهى. وقال ابن المنير في منسكه: اعلم أن تضييعه لصلاة واحدة سيئة عظيمة لا توفيها حسنات الحج بل الفاضل عليه لأن الصلاة أهم. فإن كانت عادته الميد ولو عن صلاة واحدة بركوب البحر أو الدابة ترك الحج بل يحرم عليه الحج إذا لم يتوصل إليه إلا بترك الصلاة. ثم قال: ولا يقصر في الاستبراء ويجب عليه من الاحتراز ما يجب في الحضر انتهى. وقال إبراهيم بن هلال في منسكه: وبالجملة فلتكن الصلاة التي هي عماد الدين أهم أموره فليستعد لها ثيابا طاهرة يجدها إذا تنجس ثوبه لأن السفر مظنة إعواز الماء، وهذا إذا كان واجدا وبعض القافلين لا يستعد إلا للذة لطيفة فيحمل لذائذ الأطعمة ويصلي بالتيمم وبالنجاسة، ولتفريط الحاج في الصلاة وتأخيرهم إياها عن أوقاتها يقول أهل العلم فيهم إنهم عصاة، وقد أخذ من قول مالك لا يجوز ركوب البحر للحج إذا أدى لتعطيل الصلاة أنه متى خيف تعطيلها في البر أنه لا يجوز السفر إلى الحج فقد سئل المازري عن حكم الحج في زمنه فأجاب بأنه متى وجد السبيل ولم يخف على نفسه وماله وأمن أن يفتن عن دينه وأن يقع في منكرات أو إسقاط واجبات من صلوات أو غيرها فإنه لا يسقط وجوبه. قال: وإن كان يقع في ترك صلوات حتى يخرج أوقاتها ولم يوقعه في ذلك إلا السفر للحج فهذا السفر لا يجوز ويسقط عنه فرض الحج. قال: وإن كان إنما يرى منكرات ويسمعها فهذا باب واسع انتهى. ونكر المصنف ركنا ليشمل جميع أركان الصلاة، وأدخل الكاف على كميد ليدخل الزحام والضيق وكثرة النجاسات وغير ذلك وهذا هو المشهور. ومال الباجي إلى ركوب البحر وإن أدى إلى تضييع بعض أحكام الصلاة لما وقع الاتفاق عليه من ركوبه للجهاد، وفرق بأن المراد من الجهاد أن تكون كلمة الله هي العليا والقيام بها أشرف من القيام بالصلاة لأن عدم القيام بالتوحيد كفر وعدم القيام بالصلاة ليس بكفر على المعروف وبضدها تتبين الأشياء والحج مع الصلاة بالعكس إذ هي أفضل، وما ذكره في الجهاد فهو محمول على ما إذا تعين، وأما إذا لم يتعين فبعيد أن يقال بركوبه وإن أدى لتضييع بعض أحكام الصلاة انتهى.
ولم يبين الباجي ما الذي يستخف تضييعه، وذكر اللخمي الخلاف فيما إذا كان لا يقدر على الصلاة إلا جالسا أو لا يستطيع أن يسجد إلا على ظهر أخيه ونصه: والحج في
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست