علم أنه إنما أراد كلام اللخمي. وما ذكره ابن معلى عن بعض المتأخرين قاله التلمساني في شرح الجلاب وعلل ذلك بأن على الانسان حرجا عظيما في إلزامه المقام بغير بلده، ولعله هو الذي أشار إليه ابن معلى وقبل القرافي في شرح الجلاب كلام التلمساني. وقال الجزولي في شرح الرسالة: إنه المشهور وظاهر الرسالة أن المعتبر ما يوصله إلى مكة فقط. ونقل الشيخ زروق قولا وقال: إنه ظاهر إطلاق الرسالة ونصه إثر قول المصنف واعتبر ما يرد به يعني إلى محل يأمن الضياع فيه. قاله اللخمي. وحكى ابن معلى قولا باعتبار ما يرده مطلقا واختاره التلمساني وقيل لا يعتبر أصلا وهو ظاهر الرسالة وغيرها انتهى. قلت: ولم أر من ذكر هذا القول ولا من أبقى الرسالة على ظاهرها إلا ما يفهم من كلام الشارح في الوسط فإنه قال: مذهب الرسالة أن الاستطاعة القوة على الوصول إلى مكة فقط من غير نظر إلى عود، وأما في الكبير فقال: ظاهر الرسالة أن المعتبر الوصول فقط.
تنبيه: علم مما تقدم أنه إذا أمكنه المقام في مكة بحرفة أو تسبب فلا يعتبر ما يرد به لكن لا بد أن تكون الحرفة لا تزري به كما تقدم في الحرف التي يلزمه الخروج معها وهذا ظاهر والله أعلم. ص: (والبحر كالبر إلا أن يغلب عطبه أو يضيع ركن صلاة لكميد) ش: لما ذكر أن المعتبر في الاستطاعة إمكان الوصول خشي أن يتوهم أن ذلك خاص بالبر فقال والبحر كالبر يعني أن البحر طريق إلى الحج كالبر فيجب سلوكه إذا تعين ولم يكن ثم طريق سواه كمن يكون في جزيرة أو من تعذر عليه سلوك البر لخوف ونحوه، وإن لم يتعين سلوكه فيخير في سلوكه وفي سلوك البر على تفصيل يأتي إن شاء الله. وهو الذي مشى عليه المصنف هو المشهور قاله سند. وقال الباجي: إنه ظاهر المذهب وروى ابن القاسم عن مالك كراهة الحج فيه إلا لمن لا يجد طريقا سواه كأهل الجزر الذين لا يجدون طريقا غيره. ونقله في النوادر عن المجموعة.
وقال في البيان في رسم سلف من سماع ابن القاسم: وقد قيل إن فرض الحج ساقط على من لا يقدر على الوصول إلى مكة إلا على البحر لقوله تعالى: * (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر) * إذا لم يذكر إلا هاتين الصفتين وهو قول شاذ ودليل ضعيف لأن مكة ليست داخلة في البحر فلا يصل إليها أحد إلا راجلا أو راكبا ركب البحر في طريقه أو لم يركب انتهى. وذكر في الموازية قوله تعالى: * (وأذن في الناس بالحج) * الآية قال: ما أسمع للبحر ذكرا. وهذا القول الثالث نقله ابن الحاج عن ابن شعبان ونصه: رأيت في جواب للشيخ