انتهى. وقال ابن جماعة التونسي: ويلزم السائل الفقير إذا كانت العادة إعطاءه انتهى. وقال الزهري في شرحه للقواعد الاسلامية: إن كان يستطيع المشي وعيشه في المقام لا يتعذر عليه في السفر أو كان عيشه بالتكفف وكان في رفقة لا يخشى الضيعة فيها وجب ذلك عليه انتهى. وقال ابن بشير: وهل يجب على المتسول؟ أما إذا كانت عادته لا تختلف في وطنه وفي الطريق فيجب عليه إذا علم أنه يجد من يعطيه. وحكى اللخمي قولين وهما منزلان على حالين: فمن تساوت حاله لزمه كما قلنا، ومن افتقر إلى ذلك من أجل الخروج لم يلزمه انتهى.
قلت: كلام اللخمي يدل على أن القولين إنما هما فيمن ليس عادته السؤال فإنه قال في أول كلامه: وإن كان يستطيع المشي وعيشه في المقام من صناعة ولا يتعذر عليه عملها في السفر والعيش منها أو كان شأنه التكفف وكان سفره في رفقة وجماعة لا يخشى الضيعة معهم وجب عليه الحج مع عدم الجميع يعني الزاد والمركب. ثم قال لما ذكر قول القاضي عبد الوهاب: من قدر على الوصول إلى البيت بغير تكلف بذلة يخرج بها عن عادته لزمه ذلك.
الشيخ: أما الخروج عن عادته في المشي فغير مراعى، وإن أراد السؤال والتكفف فيمن ليس شأنه فهو حسن. واختلف فيمن يخرج يسأل الناس فقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم:
لا بأس بذلك. وقال أيضا: لا أرى للذي لا يجد ما ينفق أن يخرج للحج ولا للغزو ويسأل الناس يريد فيمن كان عيشه في المقام من غير مسألة انتهى. وقال ابن عسكر في عمدته، ويلزم معه معتاد المشي والسؤال إذا وجد من يعطيه انتهى. وقال ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير: ومذهب مالك أن من كانت عادته السؤال في بلده وإن سأل في الطريق أعطي لا يعتبر في حقه القدرة على الزاد ويلزمه الحج بخلاف من لا يسأل الناس في بلده وإن كان إذا سأل في الطريق أعطي انتهى. فهؤلاء كلهم لم يحكوا في وجوب الحج في هذه الصورة خلافا.
وأما ابن شاس فذكر في ذلك قولين صدر بالوجوب وعطف الثاني عليه بقيل ونصه: ويجب على المتسول إذا كانت تلك عادته وغلب على ظنه أنه يجد ما يعطيه، وقيل لا يجب انتهى.
ومثله للقرطبي في تفسيره. وأنكر ابن عرفة حكاية القول الثاني وسيأتي لفظه، وتبع ابن شاس على التصدير بالوجوب وحكاية مقابلة بقيل ابن جزي في قوانينه والقرافي والتادلي وابن عطاء الله. وذكر ابن الحاجب القولين من غير ترجيح وقبلهما ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح وابن فرحون وصاحب الشامل ومن بعدهم ورجحوا القول بالسقوط، وبعضهم صرح بتشهيره وكذلك شراح المختصر وقد عامت أن نصوص المذهب المتقدمة كلها مصرحة بأن المذهب خلاف ذلك.
فإن قلت: قد قال المصنف في التوضيح وابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب:
وفي السائل إن كانت العادة إعطاءه قولان ما نصه: القولان روايتان: روى ابن القاسم السقوط وزاد فيها الكراهة وهو ظاهر المذهب وأظهر من جهة المعنى، وروى ابن وهب الوجوب. قلت: