انتهى. وإلى تقييد اللخمي وابن رشد قول مالك رضي الله عنه أشار المصنف بقوله إن لم يخش هلاكا. وقال ابن الحاجب: لا يعتبر بقاؤه فقيرا. وقيل: ما لم يؤد إلى ضياعه أو ضياع من يقوت. ونحوه قول المصنف في مناسكه: ولا يشترط أن يبقى له شئ بعدما استطاع به على المشهور. وقيل: ما لم يؤد إلى ضياعه أو ضياع من يقوت. وإذا حملنا الضياع وفي كلام ابن الحاجب والمصنف في مناسكه على الهلاك فيكون كلامهما مخالفا لما قيد باللخمي وابن رشد قول مالك لأنهما جعلاه خلافا، وعلى هذا حمل ابن عرفة كلام ابن الحاجب واعترض عليه فقال: وسمع يحيى يجب بيعه قرية لا يملك غيرها لحجه ويترك ولده للصدقة. ابن رشد: إن أمن ضيعتهم. ونقل ابن الحاجب لا يعتبر ضياعه أو ضياع من يقوت لا نعرفه انتهى. قلت: ويمكن أن يفسر الضياع في كلام ابن الحاجب والمصنف في مناسكه بالتكفف ولو لم يخش الهلاك على نفسه ولا على أولاده فيكون القول المحكي بقيل في كلامهما هو اختيار اللخمي الذي أشار إليه بقوله: وأرى أن يقيم معهم إلى آخره.
لكن يبقى القول الأول في كلامهما محتاجا إلى التقييد بما قيده به اللخمي وابن رشد.
وعزا ابن عرفة المسألة لسماع يحيى ولم أرها إلا في سماع محمد بن خالد، وعزا المصنف في التوضيح القول المشهور لأبي القاسم وقد علمت أنه قول مالك والله أعلم.
تنبيهات: الأول: هذا على القول بأن الحج على الفور كما تقدم في كلام ابن رشد.
وهكذا قال صاحب الطراز قال: وأما على القول بالتراخي فيعتبر ما ينفقه في ذهابه وعوده وما ينفقه على من يخلفه ممن تلزمه نفقته إلا أن تكون له حرفة توصله وتعود به فيعتبر ما يخلفه لنفقة أهله وسيأتي كلامه برمته في التنبيه الذي بعده.
الثاني: تقدم في كلام ابن رشد أن حكم نفقة الأبوين حكم نفقة الولد، وأما نفقة الزوجة فقال اللخمي وصاحب البيان وصاحب الطراز: إن قلنا الحج على التراخي فلا يجب عليه حتى يجد ما يتركه لها، وإن قلنا إنه على الفور فيجب عليه الحج وإن شاءت صبرت وإن شاءت طلقت نفسها. ولفظ اللخمي: وإن كانت له زوجة وله من المال كفاف وحجة: فإن خلف منه نفقتها لم يبلغه الباقي، وإن لم يخلف النفقة قامت بالطلاق فإنه يحج. وعلى القول الآخر يمهل حتى يجد انتهى. ولفظ صاحب البيان في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم من كتاب الحج: ولو كانت له زوجة فهو إن ترك عندها نفقة لم يبق له ما يحج به، وإن خرج ولم يترك لها نفقة طلقت نفسها عليه يجري ذلك على القولين، هل هو على الفور أو التراخي. ولفظ صاحب الطراز في أول كتاب الحج الأول: إن كان عنده من تلزمه نفقته وقلنا الحج على التراخي اعتبر قدرته على ما ينفقه في ذهابه وعوده وما ينفق على مخلفيه في غيبته. هذا إن لم تكن له حرفة في سفره، فإن كانت له حرفة توصله وتعود به اعتبر ما يترك لنفقة أهله فإن النفقة من حقوق الآدميين وهم أحوج إليها. وقال عليه السلام كفى بالمرء إثما