معنى الحج في اللغة وعلى القول بأنه القصد ظاهر، وأما على القول بأن معناه في اللغة القصد المتكرر فقيل في وجه مناسبة الحج في الشرع له كون الناس يأتونه في كل سنة. قال ابن مشدين: فحكم التكرار باق في كل سنة فرض كفاية على العموم. قال: وذهب جماعة من العلماء إلى أنه واجب على الامام أن يقيم مناره كل سنة بنفسه أو بغيره. وقيل: لأن الناس يعودون إلى البيت بعد التعريف يوم النحر ثم يعودون إليه لطواف الوداع. وقال التادلي: قال في الاكمال: لما كان مقتضى الحج التكرار من حيث الاشتقاق واتفقوا على أن الحج لا يلزم إلا مرة واحدة كانت العودة إلى البيت تقتضي كونها في عمرة حتى يحصل التردد إلى البيت كما اقتضاه الاشتقاق انتهى. فيتحصل في معنى التكرار فيه ثلاثة أقوال. انتهى كلام التادلي.
وقد أشبع القاضي عياض في الاكمال في أول كتاب الصلاة الكلام في ذلك والله أعلم. وأما في الشرع فقال التادلي: قال صاحب المحكم: هو القصد إلى التوجه إلى البيت بالاعمال المشروعة فرضا وسنة انتهى. وقال صاحب المقدمات: فحج البيت في الشرع قصده على ما هو في اللغة إلا أنه قصد على صفة ما في وقت ما تقترن به أفعال ما انتهى. قال التادلي: ويرد على الأول كونه لم يذكر الأعمال المشروعة فيه بل أطلق، وعلى الثاني ما فيه من الاجمال لان من شرط الحد أن يكون مبينا لذات المحدود انتهى. وقال ابن عرفة: قال ابن هارون، لا يعرف لأنه ضروري للحكم بوجوبه ضرورة وتصور المحكوم عليه ضرورة ضروري ويرد بأن شرط الحكم تصوره بوجه ما والمطلوب معرفة حقيقته. وابن عبد السلام لعسره، ويرد بعدم عسر حكم الفقيه بثبوته ونفيه وصحته وفساده ولازمه إدراك فضله أو خاصته كذلك، ويمكن رسمه بأنه عبادة يلزمها وقوف بعرفة ليلة عشر ذي الحجة، وحده بزيادة وطواف ذي طهر أخص بالبيت عن يساره سبعا بعد فجر يوم النحر والسعي من الصفا للمروة ومنها إليها سبعا بعد طواف كذلك لا يقيد وقته بإحرام في الجميع انتهى. وقوله ولازمه إدراك فضله أو خاصته كذلك أي دون عسر. وقوله وطواف ذي طهر بإضافة طواف إلى ذي بمعنى صاحب وقوله أخص أي من الحدث والخبث. وقوله بعد طواف كذلك أي ذي طهر الخ. وقوله لا يقيد وقته يعني أن وقت السعي ليس بمقيد كوقت طواف الإفاضة، ووقت الوقوف بل يصح السعي في كل وقت كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقوله بإحرام أي مع إحرام والله أعلم. واعترض عليه بعضهم بأن لزوم الوقوف بعرفة ذاتي لأنه ركن فلا يصح أن يكون رسما إذ لا يؤتى فيه بالذاتيات وإن كان اللزوم خارجيا فيلزم بطلان الحد لأنه مركب من الذاتي والخارجي. قال المشذالي: والجواب أنا نلتزم صحة الرسم لأنه ذكر فيه الجنس البعيد. والخاصة قولكم لزوم الوقوف ذاتي قلنا ممنوع وإنما الذاتي فعل الوقوف، وبين الوقوف وبين المفهومين بون بعيد، ويلزم تركيبه من التصورات والتصديقات لأن اللزوم من عوارض التصديقات انتهى، فكأنه التزم بطلان الحد، ويمكن تصحيحه بأن يقال: عبادة ذات وقوف بعرفة إلى آخره والله