مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤١٧
في أواخر ذي الحجة أو المحرم؟ قال: أحب إلي لمن أقام بمكة أن لا يعتمر حتى يدخل المحرم.
فتضمن كلام مالك الثاني مسألتين: إحداهما استثقال الاتيان بعمرة في ذي الحجة ثم أخرى في المحرم، والثانية استحباب أن تكون العمرة فالمحرم لمن أقام بمكة، وكذلك نقلها التادلي مسألتين. وقال في المواضع المختلف فيها في العمرة. الثالث: هل يستحب للحاج أن تكون في المحرم أو لا؟ قال مالك: أحب إلي أن تكون في المحرم لأن فعلها في غير أشهر الحج أفضل له.
وقيل: له فعلها بعد حجه. وسبب الخلاف هل ذو الحجة كله من أشهر الحج أم لا؟ الرابع: إذا اعتمر بعد حجه هل له أن يعتمر أخرك في المحرم؟ عن مالك روايتان انتهى. فقوله لقرب الزمن تعليل الاستثقال فقط. وأما استحباب كونها في المحرم فلتكون في غير أشهر الحج على ما قاله التادلي، ولا ينبغي أن يفهم من قول المصنف وعلى المشهور فأول السنة المحرم الخ أن في أول السنة خلافا هل هو المحرم أو ذو الحجة إذ ليس في كلامه ما يدل على ذلك ولا في كلام مالك وإلا لعلل استثقاله العمرة في المحرم بعد العمرة في ذي الحجة بأن ذلك في سنة واحدة، وهذا إنما علله بقرب الزمن. وقال صاحب الطراز: وإذا راعينا العمرة في السنة مرة فهل هي من الحج إلى الحج أو من المحرم إلى المحرم؟ واختلف فيه قول مالك قال في الموازية: ولا بأس أن يعتمر بعد أيام الرمي في آخر ذي الحجة ثم يعتمر في المحرم عمرة أخرى فيصير في كل سنة مرة. ثم رجع فقال: أحب إلي لمن أقام أن لا يعتمر بعد الحج حتى يدخل المحرم.
فعلى هذا يعتمر قبل الحج وبعده ويكون انتهاء العمرة وقت فعل الحج. وعلى الأول إذا اعتمر قبل الحج فلا يعتمر بعده حتى يدخل المحرم انتهى. وما قاله غير ظاهر، وليس في كلام مالك ما يدل عليه، فأول السنة المحرم على كل حال والله أعلم.
فرع: يستثنى من كراهة تكرار العمرة في السنة من تكرر دخوله إلى مكة من موضع يجب عليه الاحرام منه وهو الظاهر، ولم أر من صرح به لأنه إن أحرم بحج فقد أحرم قبل وقته، وإن لم يحرم دخل بغير إحرام والله أعلم.
فرع: قال مالك: ولا بأس أن يعتمر الضرورة قبل أن يحج انتهى. ويعني بذلك أن من قدم في أشهر الحج وهو ضرورة فلا يتعين أن يحرم بالحج بل يجوز له أن يعتمر، وأما إذا قدم الضرورة قبل أشهر الحج فالمطلوب منه يومئذ الاحرام بالعمرة من غير خلاف والله أعلم.
فرع: قال في الطراز: ويجوز لمن دخل مكة معتمرا أن يخرج بعد انقضاء عمرته. وفي كتاب ابن حبيب: أحب للمعتمر أن يقيم لعمرته ثلاثا بمكة. وفي الموطأ عن عثمان أنه كان إذا اعتمر لم يخطط عن راحلته حتى يرجع والله أعلم. وقول المصنف فرض الحج وسنة العمرة الموجود في غالب النسخ بالبناء للمفعول، ورفع الحج والعمرة على النيابة للفاعل، ونصب مرة على النيابة على المفعول المطلق، والعامل فيه العمرة ويقدر مثله للحج، لأن العمرة والحج مصدران يقدر كل واحد منهما بأن والفعل. والمعنى فرض بأن يحج مرة وسن أن يعتمر مرة،
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست