وقد كرهه جماعة من السلف، وأجاز ذلك مطرف وابن الماجشون. وقال ابن حبيب: لا بأس بها في كل شهر مرة. وقال أبو الحسن وغيره: وفرطت عائشة رضي الله عنها في العمرة سبع سنين ثم قضتها في عام واحد. وروي عن علي رضي الله عنه في كل شهر مرة. وروي عن ابن عمر أنه اعتمر ألف عمرة وحج ستين حجة وحمل على ألف فرس في سبيل الله وأعتق ألف رقبة انتهى. وقال سند: كره مالك تكررها في السنة الواحدة تأسيا بالنبي (ص) لأنه اعتمر في كل عام مرة، وحكى كراهة ذلك عن كثير من السلف. وما روي أن عليا كان يعتمر كل يوم وأن ابن عمر كان يعتمر في كل يوم من أيام ابن الزبير فيحتمل أن يكون قضاء عن نذر أو لوجه رآه كما روي أن عائشة فرطت في العمرة سبع سنين فقضتها في عام واحد. ولو كان مستحبا لفعله عليه الصلاة والسلام والأئمة بعده أو ندب إليه على وجه يقطع العذر. انتهى ملخصا. ونقل اللخمي عن مطرف وابن المواز جواز تكرارها في السنة مرارا واختاره ونصه:
قال مطرف في كتاب ابن حبيب: لا بأس بالعمرة في السنة مرارا قال: أرجو أن لا يكون به بأس. قال اللخمي: ولا أرى أن يمنع أحد من أن يتقرب إلى الله بشئ من الطاعات ولا من الازدياد من الخير في موضع لم يأت بالمنع منه نص انتهى. وكلامه يوهم أن ابن المواز قال ذلك في الاعتمار مرارا، وظاهر كلام ابن المواز أنه إنما قاله في المرتين فقط. قال في التوضيح عند قول ابن الحاجب: وفي كراهة تكرار العمرة في السنة الواحدة قولان: المشهور الكراهة وهو مذهب المدونة، والشاذ لمطرف إجازة تكرارها ونحوه لابن المواز لأنه قال: أرجو أن لا يكون بالعمرة مرتين في سنة بأس، وقد اعتمرت عائشة مرتين في عام واحد، وفعله ابن عمر وابن المنكدر، وكرهت عائشة عمرتين في شهر، وكرهه القاسم بن محمد انتهى. وما ذكره صاحب التوضيح عن ابن المواز هو كذلك في النوادر وهو أولى مما قاله اللخمي. ونص النوادر: قال ابن المواز: وكره مالك أن يعتمر عمرتين في سنة واحدة يريد فإن فعل لزمه، قال محمد: وأرجو أن لا يكون به بأس انتهى.
فرع: وعلى المشهور من أنه يكره تكرارها في السنة الواحدة، فلو أحرم بثانية انعقد إحرامه إجماعا. قاله سند وغيره وتقدم ذلك في كلام ابن المواز حيث قال: يريد فإن فعل لزمه.
وقال في المدونة: والعمرة في السنة إنما هي مرة واحدة، ولو اعتمر بعدها لزمته كانت الأولى في أشهر الحج أم لا، أراد الحج من عامه ذلك أم لا انتهى.
تنبيه: قال المصنف في مناسكه: وعلى المشهور من أنه يكره تكرارها في العام الواحد فأول السنة المحرم فيجوز لمن اعتمر في أواخر ذي الحجة أن يعتمر في المحرم. قاله مالك. قال ابن القاسم: ثم استثقله مالك وقال: أحب إلي لمن أقام بمكة أن لا يعتمر حتى يدخل المحرم أي لقرب الزمن انتهى. وقوله ثم استثقله: أي استثقل أن يعتمر في أواخر ذي الحجة ثم يعتمر في المحرم لقرب الزمن أي فلا يفعل إلا واحدة، وإذا كان لا يفعل إلا واحدة، فهل الأولى أن تكون