الميقات. قال في الام قال مالك: والصبيان في ذلك مختلفون منهم الكبير قد ناهز، ومنهم الصغير ابن سبع سنين وثمان سنين الذي لا يتجنب ما يؤمر به فلذلك يقرب من الحرم ثم يحرم، والذي قد ناهز فمن الميقات لأنه يدع ما يؤمر بتركه. قال مالك: والصغير الذي لا يتكلم الذي إذا جرده أبوه يريد بتجريده الاحرام فهو محرم ويجنبه ما يجتنب الكبير انتهى. وقال ابن أبي زمنين في اختصار المدونة قال مالك: ومن أراد أن يحج صبيا صغيرا لا يتكلم فلا يلبي عنه ويجرده إذا دنى من الحرم، وإذا جرده كان محرما ويجنبه ما يجتنب الكبير، ومن كان من الصبيان قد ناهز ويترك ما يؤمر بتركه فهذا يحرم من الميقات، ومن كان منهم ابن ثمان سنين أو سبع فلا يجتنب ما يؤمر باجتنابه فهذا أيضا يقرب من الحرم ويجنب ما يجتنب الكبير انتهى. وقوله ناهز أي قارب البلوغ. قال أبو الحسن: الصغير والمناهز بكسر الهاء المراهق انتهى. وقال سند قال مالك:
والصبيان في هذا مختلفون منهم الكبير وقد ناهز، ومنهم الصغير ابن ثمان سنين وسبع لا يجتنب ما يؤمر به فهذا يقرب من الحرم ثم يحرم، والذي قد ناهز فمن الميقات لأنه يدع ما يؤمر بتركه وهذا بين، لأن من لا ينزجر ويقع في محظورات الاحرام لا يبعد به المسافة بخلاف من ينزجر.
وجاز تأخير إحرامه لأن التأخير إنما يؤمر به من يمر بالميقات وهو مريد للنسك، وهذا يختص بمن هو من أهل الوجوب وذلك البالغ المكلف والصبي ليس من أهل الوجوب سيما الصغير فإنه لا يتحقق منه إرادة الاحرام. وحكم المجنون في ذلك حكم الصغير الذي لا تمييز له في جميع أموره.
قاله ابن القاسم في الكتاب وأسقط البراذعي ذكره في تهذيبه وذلك خلل، لأنه قد مر حكم المغمى عليه يحرم به غيره أنه لا يجزئه والصبي يجزئه فلا بد من ذكر الجنون ليعلم من أي البابين هو، وهو بالصغير أشبه لأن غفلته دائمة كغفلة الصغير والاغماء مرض يرتقب زواله بالقرب انتهى.
قلت: ولعل مسألة المجنون سقطت من نسخته من تهذيب البراذعي وإلا فهي موجودة فيما رأيته من نسخ التهذيب. وقال في مختصر الواضحة: الصبيان مختلفون، فمن كان كبيرا قد عقل وعرف ما يؤمر به وينهى عنه فإن أهله يحرمون به من الميقات ثم قال: ومن كان منهم صغيرا لا يتكلم أو كان قد تكلم إلا أنه لا يعرف ما يؤمر به وينهى عنه فإن أهله لا يحرمون به من الميقات ولكن يؤخرون به إلى قرب الحرم ثم يحرمون به ويجردونه من مخيط الثياب ويكشفون رأسه ويجنبونه ما يجتنب المحرم من الطيب وغيره إلا أنهم لا يلبون عنه انتهى. وقال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب: فيحرم الولي عن الطفل والمجنون بتجريده ينوي الاحرام لا أن يلبي عنه. لا يقال ذكره التجريد مخالف لقوله في المدونة وإذا حج بالصبي أبوه وهو لا يجتنب ما يؤمر به مثل ابن سبع سنين أو ثمانية فلا يجرد حتى يدنو من الحرم لأنه إنما قال إذا حج ولا دلالة في ذلك على أنه أحرم به قبل ذلك وهو كقول الجلاب: لا بأس أن يؤخر إحرام الصبي عن الميقات إلى قرب الحرم انتهى.