مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٠
وقال الشافعي: حين يموت إلى حين يدفن عقيب الدفن. وقال النووي: لا يعزى بعد الدفن لان خاتمة أمره. قلت: وما قاله النووي رحمه الله مخالف لظاهر الحديث أعني قوله عليه السلام من عزى مصابا كان له مثل أجره فإنه عام غير مختص بوقت معين، ومن جهة المعنى أنه عقيب وقت يكثر الجزع والهلع لأنه وقت مفارقة شخص الميت والرجوع عنه بالأياس منه فينبغي أن يستحب التعزية حينئذ لئلا يتسخط المصاب بقضاء الله تعالى فيأثم والله أعلم انتهى.
وكان الفاكهاني لم يطلع على كلام ابن حبيب المتقدم والله أعلم.
الثالث: فيمن تعزى. قال سند: ويعزى الكبير والصغير ممن يقصد بالخطاب ويفهمه. قال سحنون: ولا تعزى المرأة الشابة وتعزى المتجالة وتركه أحسن. قال: وكذلك السلام عليهن في الطريق. وقال الشافعي: لا أحب أن يعزي الشابة إلا ذو رحم محرم ويخص بالتعزية أجزعهم وأضعفهم عن احتمال المصيبة لأن الثواب في تعزيتهم أكثر انتهى. ونقله عنه في الذخيرة بلفظ:
ويعزى الكبير والصغير ومن يفهم الخطاب والمتجالة بخلاف الشابة انتهى. ونقله الفاكهاني في شرح الرسالة بلفظ: ويعزي الكبير والصغير المميز والمرأة إلا أن تكون شابة إلا أن يكون ذا رحم انتهى. ونقله الشيخ زروق في شرح الارشاد وزاد الحر والعبد. وسيأتي كلامه في الفرع الخامس. وما عزاه سند لسحنون نقله عنه في النوادر ونقله عنه ابن عرفة عنها ونصه: وفي كتاب ابن سحنون: لا تعزى الشابة وتعزى المتجالة وتركه أحسن كالسلام عليها انتهى.
الرابع: فالتعزية بالنساء والقرين الصالح قال في النوادر قال ابن حبيب أصيب عمر بن عبد العزيز بامرأة من أهله فلما دفنت ورجع معه القوم فأرادوا تعزيته عند منزله فدخل وأغلق الباب وقال: إنا لا نعزي في النساء. وفعله عبد الملك فقال لسعد بن سعيد ما أتى بك؟ فقال:
لأشاركك في مصيبتك وأعزيك بابنتك. فقال: مهلا فإنا لا نعزي في النساء. ولغير ابن حبيب عن مالك أنه قال: إن كان فبالأم. قال غيره: وكل واسع وقد قال عليه السلام من مات له ثلاث من الولد ولم يذكر ذكرا ولا أنثى وقال الله تعالى * (فأصابتكم مصيبة الموت) * (المائدة:
106) وقال النبي (ص) ليتعزى المسلمون في مصائبهم بالمصيبة بي. وجعل المصيبة بالزوجة الصالحة والقرين الصالح مصيبة انتهى. كلام النوادر ونقله ابن عرفة مختصرا ونصه: قال يعني ابن حبيب: وأبي عمر بن عبد العزيز وعبد الملك التعزية في المرأة غير ابن حبيب عن مالك أنه إن كان فبالأم غيره كل واسع. وقال (ص) ليتعزى المسلمون في مصائبهم بالمصيبة بي وجعل مصيبة الزوجة والقرين الصالح مصيبة انتهى. وقال في المدخل: وينبغي أن يعزي الرجل في صديقه لأنه من المصائب وكذلك يعزى الرجل في زوجته الصالحة لأنها من المصائب انتهى.
وسيأتي في الفرع الخامس في كلام ابن رشد أن الحر يعزى بالعبد.
الخامس: في تعزية المسلم بالكافر والكافر بالمسلم أو بالكافر. قال في النوادر: ومن المجموعة قال ابن القاسم: ولا يعزى بأبيه الكافر يقول الله تعالى * (مالكم من ولايتهم من
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست