مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٣٩
على ما نقله عنه في النوادر. وقال ابن حبيب: وقد جاء في تعزية المصاب ثواب كثير، وجاء أن الله يلبس الذي عزاه لباس التقوى، وروي أن النبي (ص) كان إذا عزى قال: بارك الله لك في الباقي وآجرك في الفاني. وعزى النبي (ص) امرأة في ابنها فقال: إن الله ما أخذ وله ما أبقى ولكل أجل مسمى وكل إليه راجع فاحتسبي واصبري فإنما الصبر عند أول الصدمة. وكان محمد بن سيرين إذا عزى قال: أعظم الله أجرك وجبر مصيبتك وأحسن عزائك عنها وأعقبك عقبا نافعا لدنياك وأخراك. وكان مكحول يقول: أعظم الله أجرك وأحسن عقباك وغفر لمتوفاك.
قال ابن حبيب: وكل واسع بقدر ما يحضر الرجل وبقدر منطقه وأنا أقول: أعظم الله أجرك على مصيبتك وأحسن عزاءك عنها وعقباك منها غفر الله لميتك ورحمه وجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج منه. وقال غيره: وأحسن التعزية ما جاء به الحديث: آجركم الله في مصيبتكم وأعقبكم الله خيرا منها إنا لله وإنا إليه راجعون انتهى. وزاد سند عن ابن حبيب: روي عن النبي (ص) لما مات وجاءت التعزية سمعوا صوتا من جانب البيت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، وإن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك وعوضا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب انتهى. قال في المدخل: وقد ورد في التعزية ألفاظ متعددة. وقال بعضهم: وأحسن التعزية ما جاء في الحديث: آجركم الله على مصيبتكم وأعقبكم خيرا منها إنا لله وإنا إليه راجعون انتهى.
فروع: الأول: في الجلوس للتعزية. قال سند: ويجوز أن يجلس الرجل للتعزية. وقالت عائشة رضي الله عنها لما قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهما جلس النبي (ص) في المسجد يعرف في وجهه الحزن خرجه أبو داود انتهى.
الثاني: في محل التعزية. ومحلها في البيت وإن جعلت على القبر فواسع غير أنه ليس من الأدب. قال في المدخل: والأدب في التعزية على ما نقله علماؤنا أن تكون بعد رجوع ولي الميت بعد الدفن إلى بيته، وهي جائزة قبل الدفن إن لم يحصل للميت بسببها تأخير عن مواراته، فإن حصل ذلك منع. وقال بعد ذلك أيضا: وتجوز قبل الدفن وبعده انتهى. ويشير بأول كلامه إلى قول ابن حبيب ونصه على ما في النوادر قال ابن حبيب قال النخعي: كانوا يكرهون التعزية عند القبر. قال ابن حبيب: وذلك واسع في الدين وأما في الأدب ففي المنزل انتهى. ونقله ابن عرفة عن النوادر بلفظ ابن حبيب. والتعزية عند القبر واسع في الدين والأدب في المنزل. ونقله في مختصر الواضحة والطراز والذخيرة وغيرهم، وتقدم في كلام صاحب المدخل جوازها قبل الدفن. وقاله في الطراز ونصه بعد نقل كلام ابن حبيب المتقدم: وتجوز التعزية قبل الدفن وبعده وبه قال الشافعي وغيره. وقال الثوري: لا يعزى بعد الدفن لأن الدفن خاتمة أمره، وما قلناه أصوب لأن عقيب الدفن يكثر الجزع لأنه وقت مفارقة شخصه والانصراف عنه انتهى. وقال الفاكهاني في شرح الرسالة: ولم أر لأصحابنا تعيين وقت التعزية.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست