إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٨١
قوله: وشرط فيهما إلخ) لما فرغ من بيان أركان الخطبتين شرع في بيان شروطهما، وهي اثنا عشر، ذكر منها سبعة:
الاسماع، وكونها عربية، وقيام قادر، وطهر وستر، وجلوس بينهما، وولاء. وبقي منها خمسة لم يذكرها، وهي:
السماع، وكون الخطيب ذكرا، ووقوعها في خطة أبنية، وكونها بعد الزوال، وقبل صلاة. ويمكن أن يقال أن الشرطين الأخيرين يعلمان ضمنا من قوله وقوعها بعد خطبتين بعد زوال، وأن الشرط الأول - وهو السماع - لازم للاسماع، إذ المراد منه الاسماع بالفعل، ولا حاجة لعدة شرطا مستقلا. ولكن يبقى عليه عدم عده الشرطين الباقيين، إلا أن يقال أنه يلزم من جعلهما شرطين لصحة الجمعة أن يكونا شرطين للخطبة. (قوله: إسماع أربعين) أي بأن يرفع الخطيب صوته بأركانهما حتى يسمعها تسعة وثلاثون غيره كاملون، فلا بد من الاسماع والسماع بالفعل، لا بالقوة، عند ابن حجر.
وخالف الجمال الرملي - تبعا لوالده - فقال: يكفي الاسماع والسماع بالقوة لا بالفعل، قال إذ لو كان سماعهم واجبا لكان الانصات متحتما. اه‍. ومعنى قوله بالقوة: أن يكون الخطيب يرفع صوته بحيث لو أصغوا إليه لسمعوا فعليه، لو وجد عارض لغط، أو اشتغل بعضهم عن السماع بتحدث مع جليسه لا يؤثر، وعلى الأول يؤثر. (قوله: أي تسعة وثلاثين سواه) تفسير للأربعين، أي أن المراد من الأربعين الذي يجب إسماعهم تسعة وثلاثون غير نفسه، فيكون هو متمم الأربعين، لا زائدا عليهم. ومفهوم ذلك أنه يجب إسماعه نفسه أيضا كالتسعة والثلاثين. وهذا قول ضعيف. والمعتمد أنه لا يجب إسماع نفسه. وجزم به في التحفة، وعبارتها مع الأصل: وإسماع أربعين - أي تسعة وثلاثين - وهو لا يشترط إسماعه ولا سماعه، لأنه وإن كان أصم يفهم ما يقول. اه‍. ولو حذف لفظ سواه لكان أولى، ليكون جاريا على ما جرى عليه شيخه، وعليه يكون التفسير تفسير مراد للأربعين، ويكون في تعبيره بالأربعين تسمح الجمعة قوله فمن تنعقد بهم الجمعة) بيان للأربعين.
(قوله: الأركان) مفعول ثان لاسماع. (قوله: لا جميع الخطبة) أي لا يشترط إسماعهم جميع الخطبة، فلو أسر في غير الأركان صحت الخطبة، فالاسماع ليس شرطا، إلا في الأركان. ومثله سائر الشروط، فهي إنما تعتبر في الأركان خاصة. فلو انكشفت عورته، أو جلس في غير الأركان لم يؤثر. (قوله: قال شيخنا) عبارته: ويعتبر على الأصح عند الشيخين وغيرهما سماعهم لها بالفعل، لا بالقوة، فلا تجب الجمعة على أربعين إلخ. اه‍. إذا علمت ذلك تعلم أن الشارح أسقط من العبارة المذكورة فاء التفريع وما يتفرع عليه. (قوله: لا تجب الجمعة على أربعين إلخ) أي لفقدهم شرطا من شروط الخطبة، وهو السماع. وكما لا تجب عليهم لا تنعقد بهم، لما ذكر. (وقوله: بعضهم أصم) أي غير الخطيب، لما علمت أن المعتمد أنه لا يشترط إسماع نفسه، لأنه يفهم ما يقول. (قوله: ولا تصح) فاعله يعود على الجمعة، وإنما لم تصح لعدم صحة الخطبة، لفقد شرط من شروطها، وهو السماع بالفعل. ويحتمل عود الفاعل على الخطبة. ويلزم عن عدم صحتها عدم صحة الجمعة، لكن عليه يلزم الاظهار في مقام الاضمار في قوله بعد: يمنع سماع ركن الخطبة. (قوله: مع وجود لغط) هو بفتحتين، اختلاط الأصوات مع رفعها. (وقوله: يمنع) أي ذلك اللغط.
(وقوله: مع سماع ركن الخطبة) أي سماعهم ركنا من أركانها. (قوله: على المعتمد فيهما) أي في الصورتين، وهما عدم وجوبها على أربعين بعضهم أصم، لكن غير الخطيب، كما علمت. وعدم صحتها مع وجود لغط يمنع سماع ركن من أركان الخطبة. (قوله: وإن خالف فيه) أي في اعتبار السماع بالفعل المعلوم من عبارة التحفة المارة آنفا. (وقوله:
فلم يشترطوا إلا الحضور) أي حضورهم موضع الخطبة، أي وإن لم يسمعوا بالفعل لبعد، أو نوم، أو لغط. (قوله:
وعليه) أي على اشتراط الحضور فقط. (قوله: ولا يشترط إلخ) مرتبط بالمتن. (وقوله: كونهم) أي الأربعين الذين يسمعون الخطبة. (وقوله: بمحل الصلاة) فلو كانوا خارج المسجد والخطيب فيه وسمعوا الخطبة من خارجة كفى.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست