إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٩
أما السنن: فعظم، وأما الظفر: فمدي الحبشة. وألحق بهما باقي العظام، سواء كانت متصلة أو منفصلة، من آدمي أو غيره. نعم، ما قتلته الجارحة بظفرها أو نابها لا يحرم كما هو معلوم وقوله: ما أنهر الدم: أي أساله وصبه بكثرة، فشبه الإسالة بالأنهار، واستعارة لها واشتق منه أنهر بمعنى أسال على طريق الاستعارة التصريحية التبعية.
وقوله: ليس السن والظفر: بالنصب على أنه خبر ليس، ويجوز الرفع على أنه اسمها، والخبر محذوف، أي ليس السن والظفر مباحا.
(قوله: يجرح) الجملة صفة لمحدد، وهو قيد لا بد منه، وخرج به الذي لا يجرح، وهو الكال كما سيذكره.
(قوله: كحديد إلخ) أمثلة لمحدد وهنا مضاف محذوف، أي كمحدد حديد، ومحدد قصب إلخ. (قوله: يحرم ما مات بثقل إلخ) هذا محترز قوله بقطع إلخ، لان ما ذكر لم يمت بالقطع، وإنما مات بالثقل. وإنما حرم ذلك لان المقتول بالثقل موقوذة، فإنها: ما قتل بمثقل كخشبة، وحجر، ونحوهما. ومثل ذلك: ما لو مات بأحبولة كشبكة منصوبة له فإنه المنخنقة المذكورة في قوله تعالى: * (والمنخنقة) * (وقوله: من محدد أو غيره) بيان لما. (وقوله: كبندقة) أي مطلقا، بندقة الطين أو الرصاص. وهو تمثيل لغير المحدد. (قوله: وإن أنهر الدم) أي أساله. كما مر. (قوله: وأبان الرأس) أي وإن أزال الرأس، فهو غاية ثانية للحرمة. (قوله: أو ذبح بكال) معطوف على مات، وهو محترز قوله يجرح كما علمت. أي ويحرم ما ذبح بكال: أي غير قاطع بحسب ذاته. قال في المصباح: كل السيف كلا، وكلة بالكسر وكلولا فهو كليل، وكال: أي غير قاطع. اه‍. (وقوله: لا يقطع إلا بقوة الذابح) أي وأما بنفسه فلا يقطع رأسا، وهو كالتفسير للكال. (قوله: فلذا ينبغي إلخ) أي فلأجل حرمة الذبح بالكال الذي لا يقطع إلا بقوة الذابح، ينبغي الاسراع إلخ. وتأمل في العلة المذكورة، فإن حرمة الذبح بالكال لا تظهر علة في انبغاء الاسراع. فلو قال كغيره وينبغي الاسراع بإسقاط لفظ فلذا لكان أولى. ثم إن المراد بالانبغاء الندب - كما يدل عليه عبارة التحفة، ونصها:
وسيأتي ندب وإسراع القطع بقوة وتحامل ذهابا وعودا، ومحله: إن لم يكن بتأنيه في القطع ينتهي الحيوان قبل تمام قطع المذبح إلى حركة المذبوح، وإلا وجب الاسراع، فإن تأتي حينئذ: حرم، لتقصيره. اه‍. (وقوله: بحيث لا ينتهي إلخ) تصوير للاسراع، أي يسرع إسراعا مصورا بحيث لا ينتهي إلخ، فلو انتهى إلى ذلك قبل تمام القطع لم يحل، لتقصيره.
ولا ينافيه ما سيأتي من أنه يشترط الحياة المستقرة عند أول الذبح، لا استمرارها إلى انتهاء الذبح، لان ذلك فيما إذا لم يوجد تقصير منه في وصوله إلى حركة المذبوح. (قوله: ويحل الجنين بذبح أمه) أي لخبر: ذكاة الجنين ذكاة أمه أي ذكاة أمه التي أحلتها أجلته تبعا لها، ولأنه جزء من أجزائها وذكاتها أحلت جميع أجزائها، حتى لو كان للمذكاة عضو أشل، حل كسائر أجزائها ولأنه لو لم يحل بذكاة أمه لحرم ذبحها مع ظهور الحمل كما لا تقتل الحامل قودا. ولا فرق في الجنين بين أن يكون واحدا أو متعددا، ولو وجد جنين في بطن جنين كان حكمه كذلك. ولا تحل العلقة والمضغة، ولو تخططت، بناء على عدم وجوب الغرة فيها، وعدم ثبوت الاستيلاد بها فيما إذا كانت من آدمي. (قوله: إن مات في بطنها) قيد في حله بذكاة أمه، أي يحل إن مات في بطنها، أي بسبب ذبح أمه بأن سكن عقب ذبحها بلا مهلة، ولم يوجد سبب يحال عليه موته، فلو اضطرب في بطن أمه بعد ذبحها زمنا طويلا، ثم سكن، لم يحل. ولو ضربت أمه على بطنها فسكن، ثم ذبحت فوجد ميتا، لم يحل لاحالة موته على ضرب أمه. ولو شك: هل مات بذكاة أمه أو لا؟ فالظاهر: عدم
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست