إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٠
(وحكى) الكمال الأقوى في الطالع السعيد عن الفاضل الأديب محمد القوصى عن الشيخ علي الحريري: أنه رأى درة تقرأ سورة يس. وعن بعضهم، قال: شاهدت غرابا يقرأ سورة السجدة، وإذا وصل إلى محل السجود سجد، وقال: سجد لك سوادي، وآمن بك فؤادي. اه‍.
(قوله: وكذا غراب إلخ) فصله عما قبله بكذا، لان فيه خلافا، لكن الشارح أطلق في الأسود، مع أن غراب الزرع يحل أكله على الأصح - وهو أسود صغير، يقال له الزاغ.
وحاصل ما يقال في الغربان أنها أنواع: فمنها ما هو حرام بالاتفاق، لوروده في الخبر، وهو الأبقع الذي فيه سواد وبياض.
ومنها ما هو حرام على الأصح، وهو الغداف الكبير، وهو أسود، ويسمى الجبلي لأنه لا يسكن إلا الجبال. وكذا العقعق: وهو ذو لونين أبيض وأسود، طويل الذنب، قصير الجناح، صوته العقعقة.
ومنها ما هو حلال على الأصح، وهو غراب الزرع، وهو أسود صغير، يقال له الزاغ. والغداف الصغير وهو أسود أو رمادي اللون. وممن اعتمد حل هذا: البغوي، والجرجاني، والروياني، والأسنوي، والبلقني، والشهاب الرملي، وولده. والذي اعتمده في أصل الروضة: تحريم هذا، وجرى عليه ابن المقري وظاهر التحفة اعتماده، ولعل هذا الأخير هو مراد شارحنا، ويكون هو ممن اعتمد الحرمة تبعا لظاهر كلام شيخه. (قوله: ورمادي اللون) الواو بمعنى أو.
(قوله: خلافا لبعضهم) أي حيث قال: بحل أكله. (قوله: ويكره جلالة) أي ويكره أكل لحم الجلالة وبيضها، وكذا شرب لبنها، لخبر: أنه (ص): نهى عن أكل الجلالة وشرب لبنها حتى تعلف أربعين ليلة رواه الترمذي. وزاد أبو داود: وركوبها. والجلالة هي التي تأكل الجلة وهي بفتح الجيم وكسرها وضمها البعرة كذا في القاموس لكن المراد بها هنا النجاسة مطلقا. (قوله: ولو من غير نعم) أي ولو كانت الجلالة من غير النعم. وقوله: كدجاج بفتح أوله أفصح من ضمه وكسره، وهو تمثيل للغير. وقوله: إن وجد فيها ريح النجاسة تقييد للكراهة، أي محل الكراهة إن ظهر في لحمها ريح النجاسة. ومثله ما إذا تغير طعمه أو لونه. وعبارة التحفة مع الأصل: وإذا ظهر تغير لحم جلالة أي طعمه، أو لونه أو ريحه كما ذكره الجويني، واعتمده جمع متأخرون ومن اقتصر على الأخير أراد الغالب. اه‍. فإن لم يظهر ما ذكر فلا كراهة، وإن كانت لا تأكل إلا النجاسة. والسخلة المرباة بلبن كلبة أو نحوها كالجلالة فيما ذكر. ولا يكره بيض سلق بماء نجس، كما لا يكره الماء إذا سخن بالنجاسة، ولا حب زرع نبت في زبل أو غيره من النجاسات. (قوله: ويحل أكل بيض غير المأكول) هذا قد ذكره الشارح في مبحث النجاسة، وأعاده هنا لكون الكلام في بيان حكم الأطعمة. (قوله: خلافا لجمع) أي حيث قالوا بحرمة أكله. وعبارة الروض: وفي حل أكل بيض ما لا يؤكل تردد قال في شرحه: أي خلاف مبني على طهارته. قال في المجموع: وإذا قلنا بطهارته. حل أكله، بلا خلاف، لأنه طاهر غير مستقذر بخلاف المني. قال البلقيني: وهو مخالف لنص الام والنهاية والتتمة والبحر على منع أكله، وإن قلنا بطهارته، وليس في كتب المذهب ما يخالفه. اه‍. (قوله: ويحرم من الحيوان البحري إلخ) مقابل قوله من الحيوان البري، لكن كان الأنسب في المقابلة أن يقول: ومن الحيوان البحري كل ما فيه، ما عدا كذا وكذا. والمراد من الحيوان البحري في كلامه كل ما يوجد في البحر سواء كان لا يعيش إلا فيه، أو كان يعيش فيه وفي البر كالضفدع، وما ذكر بعده. (قوله: ضفدع) بكسر أوله مع كسر ثالثه أو فتحه، وهو حيوان لا عظم له، يعيش في البر وفي البحر. ومن خواصه أنه كفئ طشت في بركة هو فيها منع من نقيقه فيها. (قوله: وتمساح) هو حيوان يعيش

(1) (قوله: من نقيقه) بقافين. قال في المختار: نق الضفدع والعقرب والدجاجة، ينق - بالكسر - نقيا: أي صوت. اه‍.
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست