إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٣
- إذا عجز عنه - فالفدية حينئذ واجبة عليه ابتداء، لا بدلا عن الصوم، وفيه أن مقتضاه أنه لو تكلف وصام لا يكتفي بصومه؟ وأجيب بأن محل مخاطبته بها ابتداء، ما لم يرد الصوم، فإن أراده يكون هو المخاطب به. وعبارة غيره: وهل الفدية في حقه واجبة ابتداء أو بدلا عن الصوم؟ وجهان. أصحهما: الأول. فعليه: لو قدر على الصوم بعد فواته: لم يلزمه القضاء - سواء كانت قدرته بعد إخراج الفدية، أو قبله - لأنه مخاطب بالفدية ابتداء. اه‍. (قوله: ويجب المد مع القضاء إلخ) أي لقول ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: * (وعلى الذين يطيقونه فدية) * أنها منسوخة إلا في حقهما.
اه‍. تحفة. قال ابن رسلان في زبده:
والمد والقضا لذات الحمل * أو مرضع إن خافتا للطفل (وقوله: على حامل) أي ولو من زنا. (وقوله: ومرضع) أي ولو مستأجرة، أو متبرعة - ولو لم تتعين للرضاع، بأن تعددت المراضع. ويستثنى من الحامل والمرضع: المتحيرة إذا خافت على الولد، فلا فدية عليها، للشك في وجوب صوم ما أفطرته في رمضان عليها باحتمال حيضها إذا أفطرت ستة عشر يوما فأقل، لأنها أكثر ما يحتمل فساده بالحيض، فإن أفطرت أكثر منها وجبت الفدية لما زاد، حتى لو أفطرت رمضان كله لزمها مع القضاء فدية أربعة عشر يوما. ويستثنى أيضا المريضة، والمسافرة، فلا فدية عليهما، لكن إن ترخصتا لأجل السفر، أو المرض، أو أطلقتا. وإن ترخصتا لأجل الرضيع، أو الحمل وجبت الفدية - مع القضاء -. (وقوله: أفطرتا) أي وجوبا. (وقوله: للخوف على الولد) أي فقط دون أنفسهما. والمراد بالولد هنا: ما يشمل الحمل، وتسميته ولدا من باب التغليب أو مجاز الأول. والمراد بالخوف على الولد: الخوف على إسقاطه بالنسبة للحامل وعلى قلة اللبن بالنسبة للمرضع، فيتضرر الولد بمبيح تيمم لو كان كبيرا أو يهلك. واحترز بقوله للخوف على الولد: عما إذا أفطرتا خوفا على أنفسهما أن يحصل لهما من الصوم مبيح تيمم، فإنه يجب عليهما القضاء بلا فدية - كالمريض المرجو البرء - وإن انضم لذلك الخوف على الولد، لأنه واقع تبعا.
(فإن قيل) إنه حينئذ فطر ارتفق به شخصان، فكان الظاهر وجوب الفدية في هذه الحالة. (أجيب) كما في التحفة:
بأن الخوف على أنفسهم مانع من وجوب الفدية، والخوف على الولد مقتض له، فغلب الأول، لان القاعدة أنه إذا اجتمع مانع ومقتض غلب المانع على المقتضي.
(فائدة) تلخص من كلامهم أنه يباح الفطر في رمضان الستة: للمسافر، والمريض، والشيخ الهرم، والحامل ، والعطشان، والمرضعة. ونظمها بعضهم على هذا الترتيب، فقال:
إذا ما صمت في رمضان صمه * سوى ست وفيهن القضاء:
فسين، ثم ميم، ثم شين، * وحاء، ثم عين، ثم راء فالسين للمسافر، والميم للمريض، والشين للشيخ الهرم، والحاء للحامل، والعين للعطشان، والراء للمرضعة.
(قوله: ويجب على مؤخر قضاء لشئ من رمضان إلخ) وذلك لان ستة من الصحابة - وهم ابن عباس، وأبو هريرة، وعلي، وابن عمر، وجابر، والحسين بن علي - رضي الله عنهم أجمعين - أفتوا بذلك، ولا مخالف لهم، فصار إجماعا سكوتيا. وقوله: لشئ من رمضان: متعلق بمحذوف صفة لقضاء: أي قضاء كائن لشئ من رمضان: أي أو له كله. (وقوله: حتى دخل رمضان آخر) حتى غائية. أي يجب مع القضاء مد إذا أخر القضاء إلى أن دخل رمضان آخر، فلا بد في الوجوب من دخوله. وإن أيس من القضاء - كمن عليه عشرة أيام - فأخر حتى بقي لرمضان خمسة أيام مثلا فلا تلزمه الفدية عن الخمسة الميئوس منها - أي قبل دخول رمضان - فإن دخل وجبت. ورمضان هنا مصروف، لان المراد به غير معين، بدليل وصفه بالنكرة، وهي آخر. (قوله: بلا عذر) متعلق بمؤخر، وسيذكر محترزه. (قوله: بأن خلا) أي
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست