إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٦٩
ذلك لكن لم يتفق له أن يصلي معهم، بأن حضر محل الصلاة بعد انقضائها، سن له الاذان. وقوله: لم يسن أي الاذان. وهو جواب إن. وقوله: له أي لمن سمع ذلك وأراد الصلاة. (قوله: لمكتوبة) متعلق بكل من الأذان والإقامة على سبيل التنازع، أي يسن الاذان لمكتوبة والإقامة لها. قال سم على حجر: هل المراد ولو أصالة فتدخل المعادة؟.
وعلى هذا فيتجه أن محل الاذان لها ما لم تفعل عقب فعل الفرض، وإلا كفى أذانه عن أذانه، كما في الفائتة والحاضرة وصلاتي الجمع، أو لا. وتدخل المعادة في النفل الذي تسن له الجماعة، فيقال فيها: الصلاة جامعة. فيه نظر. اه‍.
(قوله: ولو فائتة) الغاية للرد على الجديد القائل بعدم سنية الاذان لها لزوال الوقت. قال في المنهاج: ويقي للفائتة ولا يؤذن في الجديد. قلت: القديم أظهر، والله أعلم. ودليل القديم ما ثبت في خبر مسلم أنه (ص) نام وهو وأصحابه عن صلاة الصبح في الوادي حتى طلعت الشمس، ثم لما انتبهوا أمرهم بالانتقال منه لان فيه شيطانا. فساروا حتى ارتفعت الشمس، ثم نزل فتوضأ وأمر بلالا بالاذان، وصلى ركعتي الفجر ثم الصبح. (قوله: دون غيرها) أي المكتوبة، فلا يسن الأذان والإقامة له بل يكرهان لعدم ورودهما فيه. (قوله: كالسنن وصلاة الجنازة والمنذورة) أمثلة لغير المكتوبة، وهذا بناء على أن المراد بالمكتوبة المفروضة في اليوم والليلة. أما إن أريد بها المفروضة مطلقا فصلاة الجنازة والمنذورة يكونان داخلين فيهما، فلا بد من زيادة قيدين لاخراجهما، وهما: أصالة، وعلى الأعيان. فخرج بالأول المنذورة، وبالثاني صلاة الجنازة. (قوله: ولو اقتصر) أي أراد الاقتصار على أحدهما. إما الاذان وإما الإقامة. وقوله: فالاذان أولى به أي بالاقتصار. (قوله: ويسن أذانان لصبح) المناسب تأخيره عن قوله: ووقت لغير أذان صبح. وكما يسن الاذانان يسن مؤذنان يؤذن واحد قبل الفجر وآخر بعده، لخبر الصحيحين: إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا آذان ابن أم مكتوم. (قوله: فإن اقتصر) أي أريد الاقتصار. وقوله: فالأولى بعده أي فالأولى الاقتصار على ما بعد الفجر. قال ع ش: يؤخذ من هذا أن ما يقع للمؤذنين في رمضان من تقديم الاذان على الفجر كاف في أداء السنة، لكنه خلاف الأولى. وقد يقال ملاحظة منع الناس من الوقوع فيما يؤدي إلى الفطر، إلا إن أخر الاذان إلى الفجر مانع من كونه خلاف الأولى لا يقال، لكنه يؤدي إلى مفسدة أخرى وهي صلاتهم قبل الفجر، لأنا نقول: علمهم باطراد العادة بالاذان قبل الفجر مانع من ذلك، وحامل على تحري تأخير الصلاة لتيقن دخول الوقت أو ظنه. اه‍. (قوله: وأذانان للجمعة) معطوف على قوله: أذانان لصبح - أي ويسن أذانان للجمعة. وقوله: أحدهما أي أحد الأذانين. وقوله: والآخر الذي قبله إنما أحدثه المناسب في التعبير أن يقول: والآخر قبله، وهذا إنما أحدثه إلخ، فيحذف اسم الموصول ويزيد اسم الإشارة بعد الظرف. وفي البخاري: كان الاذان على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر حين يجلس الامام على المنبر، فلما كثر الناس في عهد عثمان أمرهم بأذان آخر على الزوراء، واستقر الامر على هذا. وقوله: فاستحبابه عند الحاجة تفريع على كون سيدنا عثمان أحدثه لما كثر الناس. وقوله: وكأن توقف إلخ تمثيل للحاجة. وقوله: حضورهم أي الناس للجمعة. وقوله: عليه متعلق بتوقف، وضميره يعود على الاذان الآخر المحدث. وقوله: وإلا إلخ أي وإن لم توجد حاجة إليه فلا يكون مستحبا، لان الاقتصار على الاتباع أفضل. ولا يخفى في العبارة المذكورة من عدم السبك ومن اقتضائها سنية أذانين للجمعة. والذي يصرح به كلامهم أنها لا يسن لها إلا أذان واحد، وهو الذي عند طلوع الخطيب المنبر. وأما الثاني فلم يصرح أحد بسنيته، بل المصرح به أنه أحدثه عثمان لما كثر الناس. وغاية ما يستفاد منه أنه مباح لا سنة. وأنا أسرد ذلك بعض ما اطلعت عليه ممن عباراتهم. فعبارة فتح الجواد مع الأصل: وسن لها - أي الصبح وحدها - أذانان ولو من واحد، أذانان قبل الفجر وآخر بعده للاتباع. اه‍. فقوله: وحدها. أي لا غيرها من بقية
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست