إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
على بسهو. والأولى كما تقدم غير مرة التعبير بالباء فيه وفيما بعده، وإن كانت بمعنى مع. وقوله: إليه أي إلى الكلام اليسير. (قوله: أو مع جهل تحريمه) معطوف على بسهو أيضا. وقوله: أي الكلام تفسير لضمير تحريمه. والمراد تحريم الكلام مطلقا، ما أتى به وغيره. أما تحريم ما أتى به فقط فسيذكره. وقوله: فيها أي في الصلاة. (قوله: لقرب إسلام) أي لان معاوية بن الحكم رضي الله عنه تكلم جاهلا بذلك، ومضى في صلاته بحضرته (ص). وهو مع ما بعده قيد في عدم البطلان مع جهل التحريم. أي أن محل ذلك إذا عذر في جهله بأن قرب إلخ، بخلاف ما لو بعد إسلامه وقرب من العلماء فتبطل صلاته لعدم عذره بسبب تقصيره بترك التعلم.
واعلم أن أعذار الجاهل من باب التخفيف لا من حيث جهله، وإلا كان الجهل خيرا من العلم إذا كان يحط عن العبد أعباء التكليف أي ثقله، ويريح قلبه عن ضروب التعنيف. مع أنه لا عذر للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ والتمكين.
(قوله: وإن كان بين المسلمين) أي وإن كان نشأ بين المسلمين. والغاية للرد. قال في التحفة: وبحث الأذرعي أن من نشأ بيننا ثم أسلم لا يعذر وإن قرب إسلامه لأنه لا يخفى عليه أمر ديننا. اه‍. ويؤخذ من علته أن الكلام في مخالط قضت العادة فيه بأنه لا يخفى عليه ذلك. اه‍. (قوله: أو بعد إلخ) هو بصيغة المصدر، معطوف على قرب، أي أو لعبد عنهم. قال في التحفة: ويظهر ضبط البعد بما لا يجد مؤنة يجب بذلها في الحج توصله إليه. ويحتمل أن ما هنا أضيق لأنه واجب فوري أصالة، بخلاف الحج. وعليه فلا يمنع الوجوب إلا الامر الضروري لا غير، فيلزمه مشي أطاقه وإن بعد، ولا يكون نحو دين مؤجل عذرا له، ويكلف بيع نحو قنه الذي لا يضطر إليه. اه‍. والمراد بالعلماء هنا العالمون بذلك الحكم المجهول، وإن لم يكونوا علماء عرفا. فقول الشارح: أي عمن يعرف ذلك، بيان للمراد بالعلماء هنا.
(قوله: ولو سلم ناسيا) أي لشئ من صلاته، كأن سلم من ركعتين ظانا كمال صلاته. (وقوله: ثم تكلم عامدا) أي بناء على ظن أنها كملت. وقوله: أي يسيرا لا حاجة للفظ أي فالأولى حذفها. (قوله: أو جهل إلخ) معطوف على سلم ناسيا. وقوله: تحريم ما أتى به أي من الكلام اليسير. وخرج بجهله تحريم ذلك ما لو علمه وجهل كونه مبطلا فتبطل به. كما لو علم تحريم شرب الخمر دون إيجابه الحد فإنه يحد، إذ كان حقه بعد العلم بالتحريم الكف. (قوله: مع علمه بتحريم جنس الكلام) قال سم على حجر: يؤخذ من ذلك بالأولى صحة صلاة نحو المبلغ والفاتح بقصد التبليغ، والفتح فقط الجاهل بامتناع ذلك وإن علم امتناع جنس الكلام. فتأمله. اه‍. ثم إن في الكلام مضافين محذوفين، أي مع علمه بتحري بعض أفراد جنس الكلام، وبه يندفع ما استشكله بعضهم من أن الجنس لا تحقق له إلا في ضمن أفراده. فكيف يتصور جهله بتحريم ما أتى مع علمه بذلك؟ ويمكن أن يندفع أيضا بأن المراد بالجنس الحقيقة في ضمن بعض مبهم.
(قوله: أو كون التنحنح مبطلا) معطوف على تحريم ما أتى به، أي أو جهل كون التنحنح مبطلا، أي وإن كان مخالطا للمسلمين، كما في الكردي. (قوله: لم تبطل) أي الصلاة، وهو جواب لو. (قوله: لخفاء ذلك على العوام) تعليل لعدم البطلان. وظاهر صنيعه أنه تعليل له بالنسبة للمسائل الثلاث، أعني ما لو سلم ناسيا، وما لو جهل تحريم ما أتى به، وما لو جهل كون التنحنح مبطلا. وأن اسم الإشارة فيه راجع للمذكور منها كلها، وذلك لا يصح. أما بالنسبة للمسألة الأولى فواضح، إذ ليس فيها جهل أصلا حتى يعلل ما تضمنته بخفائه على العوام. وكذا بالنسبة للمسألة الثانية، فيتعين أن يكون تعليلا له بالنسبة للمسألة الأخيرة فقط، وعليه يكون اسم الإشارة راجعا لمجموع ما تقدم منها. نعم إن كان ما أتى به مما يجهله أكثر العوام، وجرينا على عدم اشتراط قربه من الاسلام أو بعده عن العلماء، حينئذ فإنه يصح بالنسبة للمسألة
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست