إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ١٣٩
إلى طلوع الحمرة التي تظهر قبل الشمس. ووقت جواز بكراهة إلى أن يبقي من الوقت ما يسعها. ووقت تحريم إلى أن يبقى من الوقت ما لا يسعها. ووقت ضرورة لمن زالت منه الموانع. (قوله: من طلوع الفجر الصادق) أي ابتداؤه من طلوع الفجر الصادق، وهو المنتشر ضوؤه معترضا بنواحي السماء. وقوله: لا الكاذب وهو ما يطلع مستطيلا بأعلاه ضوء كذنب السرحان - أي الذنب - ثم تعقبه ظلمة. وشبه بذنب السرحان لطوله. وقيل: لان الضوء يكون في الأعلى دون الأسفل، كما أن الشعر على أعلى ذنب السرحان دون أسفله. وما أحسن قول بعضهم:
وكاذب الفجر يبدو قبل صادقه وأول الغيث قطر ثم ينسكب فمثل ذلك ود العاشقين هوى بالمزح يبدو وبالادمان يلتهب قوله: إلى طلوع بعض الشمس) أي ويمتد وقتها إلى طلوع ذلك، لحديث مسلم: وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس. وإنما خرج الوقت بطلوع بعض الشمس لما مر، ولان وقت الصبح يدخل بطلوع بعض الفجر، فناسب أن يخرج بطلوع بعض الشمس. (قوله: والعصر هي الصلاة الوسطى) وقيل: إنها هي الصبح، لقوله تعالى: * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) * إذ لا قنوت إلا في الصبح. ولخبر مسلم: قالت عائشة رضي الله عنها لمن يكتب لها مصحفا: اكتب والصلاة الوسطى وصلاة العصر. ثم قالت: سمعتها من رسول الله (ص). إذ العطف يقتضي التغاير. (قوله: لصحة الحديث به) أي بأن العصر هو الصلاة الوسطى. ولفظه:
شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر. ومذهب الشافعي اتباع الحديث فصار مذهبا له. ولا يقال في المسألة قولان. ويدل له أيضا قراءة عائشة رضي الله عنها - وإن كانت شاذة -: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر. (قوله: كما استظهره) أي الترتيب المذكور. (قوله: وإنما فضلوا جماعة الصبح والعشاء) أي على جماعة بقية الصلوات، حتى العصر. (قوله: لأنها) أي الجماعة. وقوله: فيهما أي في الصبح والعشاء، أشق. قال سم: لا يقال:
المعنى الذي أوجب أنها فيهما أشق موجود في أصل فعلهما لان هذا ممنوع، لان المشقة إنما زادت بالذهاب إلى محال الجماعات، وأصل فعلهما لا يقتضي ذلك الذهاب. اه‍. (قوله: قال الرافعي إلخ) قد نظم ذلك بعضهم فقال:
لآدم صبح والعشاء ليونس وظهر لدواد وعصر لنجله ومغرب يعقوب كذا شرح مسند لعبد الكريم فاشكرن لفضيله وتخصيص كل بصلاة في وقت من هذه الأوقات لعله لكونه قبلت فيه توبته، أو حصلت فيه نعمة. وحكمة كون الصبح ركعتين بقاء كسل النوم. وحكمة كون كل من الظهر والعصر أربعا توفر النشاط عندهما. وحكمة كون المغرب ثلاثا الإشارة إلى أنها وتر النهار. وحكمة كون العشاء أربعا جبر نقص الليل عن النهار، إذ فيه فرضان وفي النهار ثلاثة.
(قوله: تجب بأول الوقت) أي بأول وقته المحدود شرعا. وقوله: وجوبا موسعا أي موسعا فيه، فلا يجب فعل الصلاة بأول الوقت على الفور. (قوله: فله التأخير عن أوله) مفرع على ما يقتضيه ما قبله. (قوله: إلى وقت يسعها) مرتبط بقوله وجوبا موسعا، أي ويستمر ذلك إلى أن يبقى من الوقت قدر يسعها بأخف ممكن، فيضيق حينئذ فتجب الصلاة فورا.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست