قلنا النهي للمعنى الأول يثبت فيها أيضا وان قلنا للمعنى الثاني فلا وفى صحة الصلاة في الشوارع مع غلبة النجاسات فيها القولان اللذان ذكرناهما في باب الاجتهاد لتعارض الأصل والغالب فان صححناها فالنهي للتنزيه وإلا فللتحريم فلو بسط شيئا طاهرا صحت لا محالة وتبقى الكراهة بسبب الشغل: وأما بطن الوادي فسبب النهى فيه خوف السيل السالب للخشوع فإن لم يتوقع السيل ثم فيجوز ان يقال لا كراهة ويجوز ان يتبع ظاهر النهي: وأما الحمام فقد اختلفوا في سبب النهي فيه: منهم من قال سببه انه يكثر فيه النجاسات والقاذورات فيخاف إصابة الرشاش إياه ومنهم من قال بل سببه انه مأوى الشيطان فلا يصلى فيه وفي المسلخ وجهان مبنيان على هذين المعنيين ان قلنا بالأول فلا تنكره الصلاة فيه وان قلنا بالثاني فتكره وأيضا فان دخول الناس يشغله وهذا الوجه أظهر وتصح الصلاة بكل حال في المسلخ وغيره إذا علم طهارة الموضع خلافا لأحمد: وأما ظهر الكعبة فحكمه ما سبق في باب الاستقبال وأما أعطان الإبل فقد فسرها الشافعي رضي الله عنه بالمواضع التي تنحى إليها الإبل الشاربة ليشرب غيرها فإذا اجتمعت استبقت وهو المراد من قوله مجتمعها عند الصدر من المنهل وليس النهي فيها لمكان النجاسة فإنه لا كراهة في مراح الغنم وأمر النجاسة لا يختلف روى أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة وإذا أدركتكم وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها وصلوا فإنها جن خلقت من جن (1) ألا ترى إذا نفرت
(٣٧)