الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤٩٢
أسرهم توثيق حلقهم وكان ذلك هو المعروف في كلام العرب ولغتهم ومنطقهم فمن أوثق رباطا وانقاد مذعنا لذلة فهو الأسير الذي نهى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن قتله ولا ينبغي لمؤمن يقدر لأسير كافر أو فاجر ظالم على إيثاق الإجابة صاغرا في أسره من حبل أو غيره في رباط أو وثاق حتى ينتهى به إلى ولي أمر المؤمنين فيمن عليه بعد أو يحبسه ولا يحل للامام ان خاف منه خيانة في الكف عن قتال المحقين أن يخرجه من الحبس ولو ذهبت فيه نفسه، وكيف يصح في حكم الحكيم إرسال من لا يؤمن على قتال أبر المؤمنين وأعظمهم عند الله في العناء عن دين الله منزلة وقدرا وكيف يرسل من يخاف أن يذهب من ساعته وفي فوره فيكون أعون ما كان للظالم في ظلمه وفجوره وهم قد يرون حبس الماجن وإن كان غير محارب على مجونه ويقولون إنه قد يلزم إمام الحق إن يخلده ما كان ماجنا في بعض مجونه ومن يقول إن عليا رحمة الله تعالى عليه أوجب إرساله وهو يخاف على المؤمنين قتله أو قتاله، وأنه أرسله أو خلاه فأطلقه حين حسن به في الكف عن قتال المؤمنين ظنه وفي ترك العودة إليه أمنه. والله عز وجل يقول لرسوله:
* (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) * (28) وقوله سبحانه على سواء فإنما هو على بيان وكيف يرسل أسير الكفرة الظالمين مع الخوف له على مشاقة رب العالمين، ولا يحبس إن ساءت به الظنون وظهرت منه في مشاقة، الله المجون، والله يقول جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: * (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) * (29) ولا يكون من أبدا ولا فداء إلا من بعد الحبس

(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»
الفهرست