الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ٢ - الصفحة ٤١٧
باب القول في التجمل بالجيد من الثياب قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ينبغي لمن رزقة الله لباسا وكساه رياشا أن يرتاش به ولا يبدي خلة وقد ستره الله منها، وفي ذلك ما يقول الله تبارك وتعالى: * (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين) * (17).
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: المسرف هاهنا هو المسرف على نفسه بالانفاق في معاصي الله والتبذير فيما لا يرضى الله من الامر الذي يكون فيه المنفق معاقبا عند الله فنها سبحانه عباده عن صرف رزقه في معاصيه واجتراء بالانفاق فيما يعاقب عليه، فأما إنفاق المرء على إخوانه وإطعامه لهم إنفاقه وعلى أضيافه وعلى غشيه، يطلب رفده منهم فلا يكون ذلك إسرافا وإن كان على نفسه آثرهم، وكيف يكون الاسراف كذلك، أو يكون على غير ما قلنا من الانفاق في معاصي الله ذلك، أو يجوز إلا يحب الله من عباده من فعل ما قد حضه عليه وحمده الله وحده فيه وذلك قول الله سبحانه في الأنصار حين آثروا على أنفسهم وآثروا بقوتهم غيرهم وأنزلوا الخصاصة بعيالهم وأولادهم وأنفقوا أموالهم على من هاجر إليهم فقال عز وجل: * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) * (18) فحمدهم بالانفاق في طاعته وشكرهم على ادخال الخصاية عليهم وعلى عيالهم والايثار بقوتهم لغيرهم ولم يذم ذلك من فعلهم.

(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست