وفي ذلك ما يقول ويثني وبذكر آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالايثار بقوتهم غيرهم، والصبر على الجوع واطعام المسكين، واليتيم والأسير لوجه الله تعالى، فقال سبحانه وتعالى في ذلك:
* (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا، إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) * (19) ثم نسق سبحانه فضائلهم في ذلك وما أعطاهم به، وعليه في السورة إلى قوله: * (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) * (20) ففي هذا ومثله ما تبين والحمد الله عليه رب العالمين وكان في إنفاقه من المتفضلين وبإخراجه من المحسنين في حكم أحكم الحاكمين.
فان قال بخيل شقي، أو مفتر غوى أنه قد يخرج وينفق من ذلك على من لا يستأهله قيل له إن لم يستأهل المعطى فالمعطي يستأهل أن يفعل المعروف إلى أهله وإلى غيره أهله فيؤدي ما يجب عليه من ذلك إلى أهله ويدفع بما يخرج لغيرهم عن عرضه ويتألفهم به لدينه، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك وأمر به وفي ذلك ما يقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (اصطنع المعروف في أهله ومن ليس بأهله. فإن أصب أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فأنت أهله).
وقد كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يطعم اليهود ويهب لهم وهم به كافرون ولما جاء به من الحق جاحدون وفيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأسوة لجميع المؤمنين كما قال الله عز وجل: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله