لنفسك حجة تزيح بها ما تكره من قولنا وتنفيه، وتدفع بها فاحش ما ألزمناك في مخافتتك بها وترك الجهر بقراءتها فكيف تنسبه وقد استفظعته من قولك وكرهته من نفسك إلى نبيك صلى الله عليه وآله، أقم لنا بذلك حجة وتبيانا وأثبت لنا على قولك شاهدا وبرهانا فإن قال: حجتي أن الله يقول: لنبيه عليه السلام (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) (30) فجهرنا في بعض الصلاة وخافتنا في بعضها بالقراءة، قيل له إن معنى قول الله سبحانه ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا إنما هو في الأوقات والصلوات أنفسها، وفيما فرق الله به بين الساعات من الليل والنهار والأوقات والسبيل بين هذين الحالين فهو الأوسط من الامرين، لا ما ذهبت إليه من التفرقة بين ما جمع الله سبحانه من الركعات فأمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله أن يجهر فيما قرأ فيه من صلاة الليل والأسحار وأمره أن يخافت فيما قرأ فيه من جميع صلاة النهار لقوله وابتغ بين ذلك سبيلا، وقد يحتمل أن يكون معنا ذلك نهيا منه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله عن الجهر الشديد الفظيع الذي ينكره السامعون وعن المخافتة التي لا يستمعها المستمعون فأمره جل جلاله، عن أن يحويه قول أو يناله أن يبتغي بين هاتين المنزلتين سبيلا وأن يقول في القراءة قولا وسطا وقيلا، والسبيل بين هاتين الحالتين فهو الوسط من الامرين، ولو كان كما ذكرت أنه أمره أن يجهر بالقراءة في الركعتين الأولتين وأن يخافت فيما سوى ذلك من الآخرتين للزمه أن يجهر في الأولتين من الظهر والعصر كما يجهر في الأولتين من المغرب والعشاء سواء سواء، لان الآية لم تبين ليلا (*) من
(٩٨)