الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٩٩
نهار، ولا نهارا من ليل، وإلا فما الفرق بين ذلك؟ وما حجتك في ترك الجهر نهارا إن كان ذلك كذلك فلا تجد بدا من الرجوع إلى ما به قلنا والاقرار لنا بما ذكرنا أو المقام على الباطل والمحال والتعلق بما لا حجة فيه من فاحش المقال فلما أن صح إجماعنا وإجماعكم وثبت مقالنا ومقالكم على أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يسمع منه قراءة في الركعتين الآخرتين، وأنه خافت بما قال: من القول فيهما باجماع المسلمين علمنا أنه لم يقرأ فيهما قرآنا ولم يتل فيهما فرقانا وأنه لو كان قرأ شيئا من كتاب الرحمن لجهر به وأبانه غاية البيان لأنه كله نور وهدى وضياء مستبين وشفاء وليس فيه شئ حقير يخفى، وإنما جعل الله القرآن منفعة لكل انسان وأمر نبيه بتبيينه للعالمين، وإيقاره في آذان السامعين، وأمر العباد بالاستماع له والانصات، والاعتبار بما يستمعون فيه من البينات، والتصديق بما ينطق به نواطق الآيات، والقرآن فأعظم وأجل من أن يخافت ببعض قراءته أو يخفى على السامعين شئ من آياته فلما أسر رسول الله صلى الله عليه وآله قوله في الركعتين الآخرتين علمنا أنه قد ذكر الله فيهما بغير ما ذكره في الأولتين قبلهما، فذكره سبحانه في الأولتين بالقرآن فجهر، وذكره في الآخرتين بالتسبيح فستر ليفرق صلى الله عليه وآله وسلم بين التسبيح والقرآن تعظيما منه لما عظم الله من منزل الفرقان الذي جعله حجة، وهدى لكل انسان فكان إخفاؤه في الآخرتين لما يقول دليلا على أنه ذكر الله عز وجل بغير القرآن من القول وأنه سبح كما قال: من قال بالتسبيح، ألا ترى أن الصلاة كلها بنيت على اللفظ فيها بستة أصناف من القول والكلام لا يجوز غيرهن في القعود والقيام ولا ينطق فيها بسواهن، ولا يتكلم أبدا بغيرهن.
(فأولهن) الدعاء إلى الصلاة وهو الآذان وذلك قول الله سبحانه
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست