الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٤٣٢
الرقاب ما يجوز عتقه وإن كان قد تهيأ عنده ثمنه غير واجد بذلك له كما أنه إذا وجد الرقبة ولم يجد الثمن كان غير واجد لها لعدمه لثمنها وكذلك هو إذا وجد ثمنها وعدمها هي في نفسها فهو عندي غير واجد لها، ولا يكون عندي واجدا لها حتى يجدها في نفسها، ويجد ثمنها فحينئذ، يكون واجدا لها ويجب عليه ما أوجب الله عليه من عتقها وهذا هو عندي كالمسافر سواء سواء، ألا ترى أن من وجد الماء ولم يجد ثمنه فهو غير واجد له وأن التيمم واجب عليه، وأنه إن وجد ثمنه ولم يجد الماء القراح نفسه فإنه غير واجد له بوجود ثمنه وأن عليه التيمم بالصعيد الذي أمر به، وأما ما يقولون به من عتق الكافر إذا لم يوجد مسلم أو وجد فلا أرى ذلك، وما مثل ذلك عندي وعند من أنصف عقله وترك مكابرة لبه إلا كمثل رجل كان معه فضل من المال ثم بغى الماء فلم يجده ووجد لبنا أو خلا، أو عسلا، أو جلابا (22) أو سكنجبينا، فإن جاز له أن يشتري من هذا شيئا فيتوضأ به لصلاته إذا لم يجد الماء جاز له أن يشتري الكافر ويعتقه إذا لم يجد مسلما بل عتق الكافر عندي منكر عظيم وجرم جسيم لأنه لا يؤمن بوائقه إن أفلت من الرق وفارقه رقه، ونجت من حبائل الرق نفسه، بل يتركه مملوكا أقرب إلى الرحمن، وأشبه بالبر والاحسان. وكذلك سمعنا من أهل العلم من الكراهية لعتق أهل الفسق من المسلمين فكل علماء آل الرسول صلى الله عليه وعليهم أجمعين لا يرون أن يعتق من المسلمين إلا من تؤمن بوائقه في الدين، فكيف لا يكره عتق أعلاج المشركين المخالفين لله في كل الأسباب، المعطلين لما نزل الله على نبيه من الكتاب، الذين لا يألون الاسلام والمسلمين خبالا بل يكسبونهم

(22) الجلاب هو ماء الورد.
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست