الأحكام - الإمام يحيى بن الحسين - ج ١ - الصفحة ٢٧٢
فحج إبراهيم صلى الله عليه بأهله والمؤمنين، حتى انتهى إلى بيت رب العالمين وأمره الله سبحانه بالأذان بالحج، فأذن ودعا إلى الله فأسمع وأجابه إلى ذلك من آمن بالله واتبع أمره، واجتمعوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم فخرج بمن معه متوجها إلى منى. فيقال: إن إبليس اعترض له عند جمرة العقبة فرماه بسبعة أحجار يكبر مع كل حجرة تكبيرة، ثم اعترض له عند الجمرة الثانية، ففعل به ما فعل عند الجمرة الأولى، ثم اعترض له عند جمرة الثالثة، فرماه كما رماه عند الجمرة الثانية، فأيس من إجابته له وقبوله لقوله فيقال: إنه صده وضلله عن طريق عرفة فأتى صلى الله عليه وسلم ذا المجاز فوقف به فلم يعرفه، إذ لم ير فيه من النعت مانعت له فسار عنه وتركه، فسمي ذلك المكان لمجاز إبراهيم به ذا المجاز، فلما أتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم الموضع الذي أمر باتيانه عرفه بما فيه من العلامات التي نعتت له، فقال صلى الله عليه:
" قد عرفت هذا المكان، فسمي عرفات، فنزل بها حتى صلى الظهر والعصر معا، ثم وقف بالناس وجعل إسماعيل إماما، فوقف مستقبلا للبيت حتى غربت الشمس، ثم دفع بالناس فصلى المغرب والعشاء الآخرة بالمزدلفة "، ويقال والله أعلم: إنها سميت مزدلفة لازدلاف الناس منها إلى منى وأنما سمي موضعها جمعا لأنه جمع بين الصلاتين بها، ثم نهض صلى الله عليه وسلم حين طلع الفجر فوقف على الظرب (4) الذي يقال له: قزح، ووقف الناس حوله وهو المشعر الحرام الذي أمر الله بذكره عنده، ثم أفاض قبل طلوع الشمس فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات، ثم نزل منى فذبح وحلق وصنع ما يصنع الحاج، وأرى الناس مناسكهم، فاستمر عليه المؤمنون معه وبعده، وكان الحج فرضا على

(4) الضرب الروابي الصغار. ضرب ككتف قال في القاموس. وهو ما نتأمن الحجارة وحد طرفه أو الجبل المنبسط أو الصغير.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست