ومنع شمولها لحال (انسداد باب العلم)، ثالثا. وان المعتمد في حجية ظواهر الكتاب الدالة على حرمة العمل بالظن ايضاانما هو ظن المجتهد، لاغير. وهو في ما نحن فيه ممنوع، رابعا. وبان الاستدلال بتلك العمومات يستلزم المحال. لان العمل عليها يستلزم عدم العمل عيلها، وما يستلزم وجوده انتفا، فهو محال جزما خامسا. وبيان ذلك ان تلك العمومات لا يفيد الا الظن والا لما صح الا ستثنا عنها لاستحالة الاستثنا من القطعى. واذا كان ظنيا فما الدليل على جواز العمل به؟ فان كان الدليل هو كونه ظن المجتهد من حيث انه ظن المجتهد، فلا وجه لترجيحه على ظنه في خصوص المقام. و ان كان الدليل دل على حجيته من حيث هو الظن الخاص فعليك اثبات هذا الدليل.
فاصالة حرمة العمل بالظن يقتضى حرمة العمل باصالة حرمة العمل بالظن، لانه ايضا ظن. وهذا ما ذكرنا من (استلزام وجوده انتفاه).
وما قد يدعى من الاجمال على جواز العمل بالاخبار والايات بالنوع، بمعنى (ان الاصل جواز العمل عليها الاما خرج بالدليل) فهو في غاية الصعوبة. وقد بينا ضعفها في رسالة مفردة، من اراد التحقيق فليراجعها. ونكتفى هنا بذكر واحد من الوجوه الدالة على بطلان هذه الدعوى. وهو: ان الفقها المجمعين على جواز العمل على ماادعاه هذا المدعى، لم يظهر اجماعهم الا من جهة استدلالهم بتلك الظواهر من غير نكير، او بقولهم لجواز العمل بها. وذلك يحتمل ان يكون لاجل كونها من جملة الظنون التى انقطع المناص الا بالعمل عليها، كما يحتمل ان يكون لاجل كونها حجة بالخصوص.
والذى يجدى في المقام اتفاقهم على الاحتمال الثانى. وانى لك باثباته. مع انك ترى كثيرا منهم يعتمدن في الاستدلال بظواهر الايات والاخبار على كونها من جملة الظنون الاجتهادية التى لا مناص عن العمل عيلها عند انسداد باب العلم (كما حققناها في القوانين المحكمة). بل حجية اصل خبر الواحد ليس الا من جهة كونه ظن المجتهد، على ما هو التحقيق في مسألة (حجية الاخبار الاحاد) كما بيناه فيه ايضا.
مع ان في خصوص هذه الاخبار الف كلام، وقد نوقش فيها سندا ودلالة، وان كان الاظهر ضعف تلك المناقشات لصحة سند بعضها وظهور دلالتها. كمابيناه في كتاب مناهج الاحكام وغيره. وبعد اللتيا والتى، اعتمادنا على حجية الاستصحاب من جهة هذه الاخبار انما هو في ما حصل الظن من جهتها للمجتهد ب (عدم جواز نقض اليقين بالشك). وحصول الظن من جهتها في مانحن فيه اول الكلام.