ليس من باب الاستيجار لفوايت صلوات الميت. بل هو استيجار لعمل مباح له ثواب ويريد المستاجر ان يفعله الاجير بنية ان يكون ثوابه لميته ويهدى ثوابه اليه. فان هذا جايز، والظاهر انه لاخلاف فيه كما يظهر من التذكرة قال فيها:
يجوز ان يستاجر الانسان غيره لقرائه القرآن على رأس القبر مدة. كما يجوز الاستيجار للاداب او تعليم القران. وقد سبق انه يجب عود المنفعة الى المستاجر. فان ذلك شرط فى صحة الاجارة. وهنا يجب عود المنفعة الى المستاجر او ميته. فعندنا ان ثواب ذلك يصل الى الميت اذا نوى الاجير ذلك. خلافا للشافعية، فانهم قالوا (المستاجر لاينتفع بان يقرء الغير) ومشهور عندهم ان الميت لا يلحقه ثواب القرائة المجردة. فقالوا لما قرروا جواز الاستيجار: لابد من انتفاع الميت بالقرائة وفيه طريقان: احدهما ان يعقب القرائة بالدعاء للميت، فان الدعاء يلحقه. والدعاء بعد القرائة اقرب الى الاجابة واكثر بركة. والثانى انه لو نوى القارىء بقرائته ان يكون ثوابها للميت لم يلحقه، لكن لو قرأ ثم جعل ما حصل من الاجر له، فهذا دعاء بحصول الاجر للميت، فينتفع الميت. انتهى كلامه ره.
فهذا ايضا يوجب ثبوت الثواب للميت، ولا يمكن الاقالة ولا يمكن الرجوع. وان لم يود الاجرة. بل وانما يثبت له استيفاء الاجرة، كما تقدم.
واما الثانى يعنى مالم يكن على وجه الاجارة: فان كان تكليفه ذلك العمل كصدقة مجهول المالك او اللقطة مع الضمان، فيمكن فيه النقل. كما ورد فى الاخبار. (1) لكن الظاهر انه ايضا ليس من باب نقل العمل. بل انما هو نقل لاثره وهو الثواب، فكانه عاوض الثواب الذى قصده للمالك بتصدق ماله، بما يغرمه للمالك، وان لم يكن تكليفه ذلك.
واما فعله تبرعا: (2) فالظاهر عدم جواز النقل لا لنفس العمل ولا لثوابه. اما الاول فظاهر لعدم امكانه بالذات وعدم حصول النية فى العمل. واما الثانى فلانه بمنزلة تلف الهدية.
واما ما فعله من الاعمال المندوبة الابتدائية لنفسه كقراءة القرآن والصلوة والصوم:
فالظاهر جواز النقل فيه بعد العمل. ولكنه ايضا نقل الثواب لا العمل فهو يدعو ويسأل الله ان