ثلاث رسائل فقهية - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٤٢
ويعتبرها كالكشف التام، بل هي كالاستخارة، استعلام الرشد والصلاح من الله تعالى، لأنه أذن بها وضمن هدايتها إلى الرشد والصلاح، إلا أن هذا الإذن والتضمين من الله تعالى لم يثبت إلا في موارد خاصة مما لم يكن لرفع الجهل والشك والحيرة طريق أو أصل عملي في البين، فلذا يصح إن قلنا إنها في مواردها دائمة الموافقة للرشد والصلاح كما لا يخفى، فإنها ليست من الأمارات التي كان اعتبارها وجعلها حجة بغلبة إصابتها الواقع، وكانت حجيتها بمنزلة تتميم جهة كشفها وتنزيلها منزلة القطع الذي حجيته ذاتية، بل جعلها الشارع سببا للهداية إلى الرشد وكشف الواقع بعنايته ورعايته الخاصة، كجعل الشكر سببا لزيادة النعمة أو الدعاء سببا للإجابة، أو الصدقة سببا لدفع البلاء.
وبعبارة أخرى قد أخبر الله تعالى عباده ووعدهم وشرط لهم أنهم إن عملوا بالقرعة في الموارد التي عينها وعرفها لهم يهديهم إلى ما فيه السداد، فإذا كان موردها الشك في أمر له نفس الأمرية الواقعية يهديهم إلى الواقع وإلا فيهديهم إلى الرشد والسداد. فشأن القرعة ليس شأن الأصول ولا الأمارات العرفية التي أمضاها الشارع، فلا يقع التعارض بينها وبين القواعد والأصول والأمارات أصلا.
هذا تمام الكلام في الاحتمال الأول في المسألة، وقد ظهر مما ذكرناه بطوله عدم جواز الرجوع إلى القرعة ابتداء دون ما يأتي في بيان سائر الاحتمالات، كما ظهر لك مورد الرجوع إلى القرعة وإلى قاعدة النصف والله تعالى هو العالم.
(٤٢)
مفاتيح البحث: الشكر (1)، الحج (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»