ثلاث رسائل فقهية - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٣٨
أقاما البينة إنه أنتجها فقضى بها للذي في يده وقال: لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين.
وروى أيضا عنه عن أحمد عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة: أن رجلين عرفا بعيرا وأقام كل واحد منهما بينة فجعله أمير المؤمنين عليه السلام بينهما نصفين، وموردهما وإن كان صورة تعارض البينتين إلا أن جعل المال بينهما نصفين مع إمكان الرجوع إلى القرعة يدل على أنه لا تصل النوبة إلى القرعة، ولا اعتبار لها شرعا إلا عند فقد جميع ما يرتفع به الإشكال الذي منه قاعدة العدل والإنصاف فلا بد من الرجوع إليها.
قلت: إن الخبرين يردان الرجوع إلى القرعة يحكمان بالتنصيف عند تعارض البينتين لا مطلقا وإن لم تكن لواحد منهما البينة فيمكن أن يكون الحكم بالتنصيف لخصوصية إقامة كل واحد منهما البينة وعدم إمكان الحكم باليمين إذا لم يكن المال تحت يدهما لعدم المدعى عليه الذي عليه اليمين، فلا يرد بهما الرجوع إلى القرعة إذا لم يكن لواحد منهما البينة.
إن قلت: فما تقول في رواية الصدوق والشيخ قدس سرهما في الفقيه والتهذيب عن عبد الله بن المغيرة، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال الآخر: بيني وبينك، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما الذي قال: هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له فيه شئ وإنه لصاحبه يقسم الدرهم الثاني بينهما نصفين.
فليس تنصيف الدرهم بينهما نصفين إلا بقاعدة العدل والإنصاف.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»