ثلاث رسائل فقهية - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٣٩
قلت: إن الحكم بالتنصيف للعمل بمقتضى اليد في صورة عدم البينة، أو تعارض البينتين أو تحالفهما أو نكولهما عن اليمين حسب ما يقتضيه الجمع بينهما وبين سائر الأخبار فيحكم بكون المال لهما لكونه تحت يدهما وفيما نحن فيه ليس لأحدهما يد على المال.
لا يقال: إن الحكم على طبق قاعدة اليد إنما يتم إذا كان يد كل منهما على النصف لا على كل المال لعدم تعقل كون اليد على النصف المشاع إلا بكونها على كله فالظاهر أن الحكم بالتنصيف مبني على سقوط أمارية يد كل واحد منهما على المال بمعارضتها بيد الآخر، فالحكم بكون المال بينهما نصفين حكم بالعدل والإنصاف.
فإنه يقال هذا إذا كان المراد من اليد، الجارحة، وأما إذا كان المراد التسلط على المال يكون تسلط كل منهما عليه بالنصف اعتبارا لضعف سلطنتها خارجا عليه لا عدمها رأسا فتدبر.
ثم إنه يمكن أن يقال في رد القاعدة الموسومة بالعدل والإنصاف إن الحكم بالعدل ليس إلا الحكم بالحق المأمور به في قوله تعالى (فأحكم بين الناس بالحق) والحكم بما زعم أنه حكم بالنصف والعدل ليس حكما بالحق، للعلم بعدم وصول صاحب الحق إلى حقه وإبطال حقه في نصفه بهذا الحكم.
بل يمكن أن يقال إن الحكم بالعدل مورده الأحكام الحكومية والنظامية التي يحكم بها الحاكم حسب ما يقتضيه مصالح النظام والإدارة، لطرو بعض العوارض وحدوث بعض الحوادث التي لا استمرار لها، بل بقاؤه يدور مدار بقاء المصلحة التي اقتضته، أو دفع مفسدة لا يرضى الشارع بوقوعها، وأما ما
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»